‏إظهار الرسائل ذات التسميات اسمـاءٌ فـي القُـرآن الكريـم. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات اسمـاءٌ فـي القُـرآن الكريـم. إظهار كافة الرسائل

اسمـاءٌ فـي القُـرآن الكريـم, الكهــــــــف


أسمـاءٌ فـي القُـرآن الكريـم

                                              الكهــــــــف



   الكهف في اللغة العربية البيت المنقور في الجبل، وهو كالغار إلا أنه أوسع منه. ويروى أن الملك المعاصر لأصحاب الكهف هي دقيوس ويقال: دقيانوس، وكانوا بمدينة للروم اسمها أفسوس ويقال: أن دقيوس حكم 60 سنة ويروى إن أصحاب الكهف فتية من الروم، دخلوا الكهف قبل المسيح، فرارا بدينهم، وبعثهم الله تعالى في الفترة بعد المسيح. وكان الملك المعاصر لهم يدعى دقيانوس الذي دعا الناس إلى المجوسية، وقد خرج هؤلاء الفتية في عهد ملك مسلم يدعى بيدوس أو بونياس. ويعرف كهفهم باسم حزوم والجبل الذي فيه الكهف يدعى ناجلّوس والمدينة التي كان فيها الفتية هي أفسيس ويقال: هي طرسوس. ويقال: إن دقيوس خلفه على الحكم ملك يدعى جالش مدة ثلاث سنوات أو لليانس ثم قليطانس مدة عشر سنوات وقيل: إن الكهف يقع بالقرب من بلدة هرقلة المشهورة، إلى الشرق منها، ويعرف بجبل الكهف. وقيل: إنه يعرف بجبل الرقيم، ويروى أن عبادة بن الصامت مر على هذا الجبل في طريقه لمقابلة قيصر الروم، ورأى الكهف وفيه ثلاثة عشر جثة وقيل: إنّ الكهف في فلسطين وقيل: في الأندلس قريب من لوشة، جهة غرناطة، قال تعالى في سورة الكهف/ 9:" أم حسبت أن أصحاب الكهف والقيم كانوا من آياتنا عجبا".

   والراجح أنّ أفسيس هي مدينة يونانية مشهورة، تقع على الساحل الغربي لآسية الصغرى، على الجانب الجنوبي من نهر قيسطرة" كايستر" بالقرب من مصبه، وتبعد 60 كيلومتراً من مدينة أزمير، واشتهرت بعمائرها ومبانيها ومعابدها وأسواقها، ولها ميناء صناعي مهم.

     وروت عدد من كتب التفسير أنّه لما غزا الخليفة الأموي معاوية بن أبي سفيان بلاد الروم، مرّ بمنطقة في آسيا الصغرى يقال: إن بها الكهف، فبعث أناسا لينظروا إلى أصحاب الكهف، فلما دخلوا جاءتهم ريح فأحرقتهم وقد روى هذا الحديث الواحدي في تفسيره من طريق أبي بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا يزيد بن هارون حدثنا سفيان بن حسين عن يعلى بن مسلم عن سعيد بن جبير أنه غزا مع معاوية غزوة المضيق نحو الروم فمروا بالكهف. وقال ابن حجر: أخرجه ابن أبي حاتم وعبد بن حميد وأبو بكر من رواية يعلى عن سعيد عن ابن عباس، وإسناده صحيح. ويقال: إن الكهف بالقرب من مدينة طرسوس ويروى المسعودي: أنّ الخليفة الواثق بالله العباسي قد أرسل بعثة إلى بلاد الروم بقيادة محمد بن موسى المنجم ليرى أصحاب الكهف والرقيم، فوجد الكهف في موضع يدعى حارمي أو خارمي. وقيل: في منطقة تدعى الخان على بعد ثلاثة أيام من طرسوس والفتية هم مكسلمينا أومكلمسينا وتمليخاأويمليخا ومرطوس أو مطرسوس ونيرويس و كسطومس و دينموس وريطوفس قالوس ومحسيلمينيا، وقيل غير ذلك، بل نسب حديث للنبي صلى الله عليه وسلم يذكر أسماء هؤلاء الفتية.

     وكما يقول أبو حيان: " أسماء أهل الكهف أعجمية لا تنضبط بشكل ولا نقط، والسند في معرفتها ضعيف والرواة مختلفون في قصصهم وكيف كان اجتماعهم وخروجهم ولم يأت في الحديث الصحيح كيفية ذلك ولا في القرآن إلا ما قص تعالى من قصصهم، بقوله الكريم في سورة الكهف/11: " فضربنا على ءاذانهم في الكهف سنين عدداً ". 
وعُرفت قصة أصحاب الكهف في المصادر النصرانية واليونانية والسريانية والأثيوبية والأرمنية باسم:" نائموا إفسوس السبعة" أو " النيام السبعة"، التي تتحدث عن سبعة من الفتيان فروا بدينهم في عهد الإمبراطور الروماني ديكيوس249-251م، ولجؤوا إلى كهف قرب مدينتهم أفسيس، ومكثوا فيه مدة ثلاثة قرون حتى استيقضوا في عهد الإمبراطور البيزنطي ثيوديسبوس.

    وإذا ما قارنا بين قصة هؤلاء الفتية في المصادر النصرانية وفي المصادر الإسلامية نجد تشابهاً كبيراً في عدّة أمور مثل كون الحادثة وقعت في أفسوس وأنها حدثت في عهد الإمبراطور الروماني الوثني ديكيوس وأنّ الفتية خرجوا من بلدتهم فراراً بدينهم، وأنّ جنود الملك الظالم عثروا عليهم في الكهف بعد أن تتبعوا أحدهم، وقد أمر الملك بسدِ مدخل الكهف عليهم عقاباً لهم، وأنّهم لبثوا مدة طويلة في الكهف. بل أنّ أسماء الفتية تكاد تكون نفسها المذكورة في المصادر الإسلامية ولكن باللفظ العربي: " مكسلمينا، وتمليخا، ومرطوس، ونيرويس، وكسطومس، ودينموس".

   وذكر الآلوسي رواية عن ابن عباس رضيّ الله عنهما أنّ: هؤلاء الفتية كانوا في زمن ملك من الجبابرة، فرّوا بدينهم ولجأوا إلى الكهف، وبدأ الملك يتتبع أخبارهم حتى عرف أنّهم مختبؤون في كهف قريب، وأحسّ الملك أنّه سيكون لهؤلاء الفتية شأن كبير، لذا أمر بسد باب الكهف عليهم، وأمر بكتابة أسمائهم على لوح من الرصاص، وجعله في خزانته للتاريخ،
 وقال الحق في سورة الكهف/ 10:" إذ أوى الفتنة إلى الكهف فقالوا ربنا آتنا من لدنك رحمة".

     ثم أشار ابن حيان إلى قصة أصحاب الكهف بقوله:" أنّ في الشام كهف فيه موتى، ويزعم مجاوروه أنّهم أصحاب الكهف وعليهم مسجد وبناء يُسمى الرقيم ومعهم كلب رمة، وتبارك أصدق القائلين في سورة الكهف/16:

 " وإذ اعتزلتموهم وما يعبدون إلا الله فأؤا إلى الكهف".


اسمـاءٌ فـي القُـرآن الكريـم...

    محمد رجب السامرائي 

اسمـاءٌ فـي القُـرآن الكريـم, الـــــــــرّس


أسمـاءٌ فـي القُـرآن الكريـم

 الـــــــــرّس


  


الرّس في اللغة: البئر المطوية بالحجارة، القديمة أو المعدن والمع رساس، ووردت الإشارة إليها في بيت لزهير بن أبي سلمى:
بكرن بكورا واستمرن بسحرة        فهي ووادي الرّس كاليد والفم

    ورس الميت أي قبر. والرس الأثر القليل في الشيء ويقال:سمعت رسا من خبر وقيل:
 أن الكلمة أعجمية الأصل، تعني البئر، أو قرية. وقيل: إن الرس تعني أصحاب البنات، وأزد شنوءة يسمون البنين الرس وقد اختلف المفسرون في موضعه الجغرافي، واتفقوا على أن الرس بئر عظيمة أو حفير كبير، أو هو البئر لم تطو بالحجارة والآجر، وكان أصحاب الرس يعبدون شجرة، وقيل: أن هذه الشجرة هي شجرة الصنوبر، فدعا عليها نبيهم، وكان من أولاد يهوذا، فيبست، فقتلوه ودسوه في البئر، فأظلتهم سحابة سوداء فأحرقتهم. وقيل: كانوا يعبدون الأصنام، وكانوا أصحاب ماشية وآبار وسموا بأصحاب الرس لكونهم نازلين على الرس أو لكونهم أصابهم الخسف في الرس أو لأنهم احتفروا رسا. وقيل: إن أصحاب الرس كانوا في حضرموت، وكانت مدينتهم تسمى الرس، وكانت ذات أشجار وثمار وقرى عامرة، وعبد جزء من سكانها الأصنام وجزء منهم عبدوا النار. وكان بالمدينة جبل عال يقال له الفلج.

    ويقال: إنه بعدن لأمة من بقايا ثمود، وكان لهم ملك صالح، حسن السيرة، يدعى العليس، وكانت البئر تسقي المدينة باديتها وحاضرتها وجميع ما فيها من الدواب والغنم والبقر، وهي تشبه الحياض كثيرة تملأ للناس، ولم يكن لهم ماء غيرها، فطال عمر الملك فلما جاءه الموت طلي بدهن لتبقى صورته ولا تتغير، وشق ذلك عليهم ورأوا أن أمرهم قد فسد وضجوا جميعا بالبكاء، واغتنمها الشيطان ، فدخل في جثة الملك بعد موته بأيام كثيرة فكلمهم وقال إني لم أمت ولكني تغيبت عنكم حتى أرى صنيعكم بعدي. ففرحوا أشد الفرح وأمر خاصته أن يضربوا حجابا بينه وبينهم، ويكلمهم من ورائه، كي لا يعرف الموت في صورته، فنصبوه صنما من وراء حجاب لا يأكل ولا يشرب، وأخبرهم أنه لا يموت أبدا، وإنه إله لهم وذلك كله يتكلم به الشيطان على لسانه فصدق كثير منهم وأرتاب بعضهم وكان المؤمن المكذب منهم أقل من المصدق فكلما تكلم ناصح منهم زجر وقهر، فاتفقوا على عبادته، فبعث الله لهم نبياً، كان الوحي ينزل عليهم في النوم دون اليقظة، وكان أسمه حنظلة بن صفوان، فأعلمهم أن الصورة صنم لا روح له، وأن الشيطان فيه وقد أضلهم وإن الله لا يتمثل بالخلق وإن الملك لا يجوز شريكا لله. فأذوه وعادوه وهو يتعاهدهم بالموعظة حتى قتلوه وطرحوه في بئر. وعند ذلك حلت عليهم النقمة والعذاب. ويقال: إن نبيهم هذا هو الذي دعا على الطائر العظيم العنقاء فأهلكها الله تعالى بالصواعق، يقول الله العزّيز في سورة ق/12: " وأصحاب الرس وثمود"

    كما يروى أنّ في اليمن وجد قبر، لوح مكتوب فيه:" أنا حنظلة بن صفوان أنا رسول الله قد بعثني الله إلى حمير وهمدان والعريب من اليمن فكذبوني وقتلوني" ويروى أيضا أن حنظلة هذا، كان من أهل بهراء اليمن وقيل: بعث إلى قبائل من ولد قحطان بن عاد وثمود، فقتلوه وطرحوه في البئر. ويقال: أن هذا النبي يدعى خالد بن سنان.قال تعالى في سورة الفرقان/38:"وأصحاب الرس وقرونا".
   وقيل: أنّ أصحاب الرس هم قوم شعيب كان لهم أصنام يعبدونها، أو هم قوم كانوا مع قوم شعيب. وقيل: إنّ أصحاب الرس قوم نساؤهم سحاقات، حيث يذكر أن الدلهات ابنة ابليس شهت إلى النساء ذلك الفعل وعلمتهن، فسلط الله عليهم صاعقة من أوّل الليل، وخسفا في أخره وصيحة مع الشمس، فلم يبق منهم أحد. وقيل: هم قوم كذبوا نبيهم وحبسوه في بئر ضيقة القعر ووضعوا على رأس البئر صخرة عظيمة، ولم يؤمن به سوى عبد أسود وقد عزّا السيوطي إخراج قصة إيمان العبد الأسود إلى الطبري وابن إسحاق عن محمد بن كعب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذه الرواية مرسلة ويعلق عليها صديق بن حسن القنوجي بقوله: إن فيها: " نكارة وغرابة ولعل فيها ادراجا".
     وذكر بأنّ أهل الرس على نهر بهذا الاسم في بلاد المشرق، وكانوا يعبدون شجرة صنوبر تدعى" شات درخت" في زمن قبل سليمان بن داوود، وكان لهم 12 قرية. وأعظم قراهم تسمى اسفنديار التي كان بها ملكهم تركون بن عابور بن نوش بن سارب بن النمروذ بن كنعان، فرعون إبراهيم ولؤلاء القوم عادات وطقوس جاهلية، وثنية يقومون بها تعبدا لشجرة الصنوبر، مصدر الحياة لآلهتهم. فبعث الله تعالى إليهم نبيا من ولد يهوذا بن يعقوب فكذبوه، فدعا عليهم بإيباس شجرهم، فأجمعوا على قتله، فحفروا بئرا ضيقة، ورسوه فيها حينها سلط الله عليهم العذاب والهلاك، لأذاب الله أبدانهم كما يذوب الرصاص في النار. ويبدو أن هذه القصة غير عربية الأصل، وربما وافدة من ثقافات الشعوب المجاورة، ولا سيما منها الفارسية. وحتى كون قصة أصحاب الرس حدثت في أرمينيا هي أيضا غير عربية الأصل.

    والرّس هم أصحاب ياسين، أهل إنطاكية، قتلوا فيها حبيبا وقيل: هم أصحاب الأخدود قرب نجران. وقيل: إن الرس بئر قرب اليمامة يسمى فلجا، وهم بقية ثمود. والفلج والأفلاج منطقة عامرة بالسكان والعمران والنخيل وازروع في الجزء الجنوبي من اليمامة، مشهورة بعيونها الجارية وخصوبة أرضها وكثرة وديانها, وتبلغ مساحتها حوالي 54120 كم2. ويحد منطقة الأفلاج من الشمال الخرج والحوطة ومن الغرب جبل العارض ومن الجنوب والشرق رمال الربع الخالي والدهناء. وقاعدة الأفلاج الأن بلدة ليلى الواقعة على بعد 300كم إلى الجنوب من الرياض أو هو بحجر بناحية اليمامة على آبار.
     كما أنّ الرس والرسيس هما أيضاً واديان بنجد أو موضعان، وقيل: هما ماءان في بلاد العرب معروفان الرس لبني منقذ بن أعيا بن طريف من بني أسد، والرسيس لبني كاهل وبئر الرساس ماء لبني سلامان، والرس بناحية صيهد من أرض اليمن، ويرى أبو عبيد البكري أنه هو المعنى بالرس في القرآن الكريم.
  ويخلص الإمام الفخر الرازي إلى قوله حول هذه الروايات:" إن شيئاً من هذه الروايات غير معلوم بالقرآن الكريم ولا بخبر قوي الإسناد ولكنّهم كيف كانوا، فقد أخبر تعالى عنهم
 أنهم أهلكوا بسبب كفرهم".


اسمـاءٌ فـي القُـرآن الكريـم...
                                                       محمد رجب السامرائي

اسمـاءٌ فـي القُـرآن الكريـم, مديــــــــــــن



أسمـاءٌ فـي القُـرآن الكريـم


مديــــــــــــن




    مدن في اللغة تعني الإقامة بالمكان، ومدين اسم أعجمي، وإن اشتق من العربية فمعنى ذلك أن" الياء" زائدة وهم ولد مدين أو مديان بن إبراهيم من امرأته قطورا، وكان قد اتخذها لنفسه مسكنا فنسبت إليه. وقد عاش مدين عمراً طويلاً، وتزوج امرأة من العمالقة فولدت له أربعين بنين، ونسلوا، فكثر عددهم في حياة مدين نفسه. ويرى أنه أمرهم ببناء مدينة حصينة سموها مدين.
     وتقع أرض مدين في الشام تلقاء غزة، ليست بعيدة عن ارض معان، وهي قريبة من بحر القلزم- الأحمر- على بعد 73 كم. وكان بينها وبين مصر ثمانية أيام، كما بين الكوفة والبصرة. ويمتد ساحل مدين على طول خليج العقبة لمسافة حوالي 200 ميل إلى الجنوب، ومن رأس الخليج إلى الشمال نحو 36 ميلاً، وهو ساحل متعرج. وعلى هذا الساحل تقع المدينة القديمة لمدين، والتي سماها بطليموس ويوسيبيوس موديانا ومودونا ولعلها هي مودين الواردة في سفر المكابيين الأول.

     ومدين أكبر من تبوك، وتبعد عنها 220 كم، وهي على العموم تقع على تخوم الحجاز الشمالية مع بلاد الشام. أما المقريزي فيجعل مدين من أرض مصر وليس من أرض الشام. والبعض جعل مدين تقع بين منطقة شاسعة تمتد بين طور سيناء ونهر الفرات. واعتبر البعض أن مدين من أعمال المدينة المنورة، وتابعة لها. وعلى حسب تحديد العهد القديم فإنّ المديانيين قد بنوا مستوطناتهم إلى الشرق من الحافة الشمالية للبحر الأحمر على طول خليج العقبة. وقيل: إنّ مدين اسم عربي لما كانوا عليه.

     كذلك قيل: اسم بلد وجعل أسماء للقبيلة، وهو الأرجح. وقال البعض: إنهم هم أصحاب الأيكة ويقال: إن بلدة البدع الحالية تشغل ما كان يعرف بمدين. وهذه البلدة تقع إلى الغرب من تبوك، على بعد 220 إلى 250كم، وتقع إلى الشرق من خليج العقبة، على بعد 70 كم ، وبها مكان يعرف بمصلى شعيب، وآثار نبي الله شعيب المعروفة بمغاير شعيب، وهو موضح فيه آثار ومجموعة من القبور القديمة.

    ويروى بأنّ مدين هي قرية كفر مندة الواقعة بين طبرية وعكا، وبها البئر الذي استقى منه موسى عليه السلام، ويقال: بأن بها قبر صفورة زوج موسى، وفيها ولد ولدان ليعقوب، يقال: لهما أشير ونفتالي. ويقال: إنّ في بادية طبرية عدد من قبور الأنبياء كشعيب عليه السلام ولا شك هذا التحديد بعيد عن الواقع التاريخي، نظرا لأنه يجعل مدين في أرض الشام بعيدة عن سيناء حيث لجأ موسى فارا من فرعون وحيث وصل وقومه بعد ذلك، وتاهوا في الصحراء.
     وذكر البعض أن ملوك مدين الذين هلكوا يوم الظلة هم أبجد أو أبو جاد وهوز وحطي وكلمن وسعفص وقرشت. وإن أخت كلمن قالت شعرا ترثي أخاها. وقد كان ابجد يحكم مكة وماولاها من أرض الحجاز، وهوز وحطي بأرض الطائف، وكلمن وسعفص وقرشت بأرض مصر أما بخصوص الشعر لا ندري كيف وصل إلى الرواة مع الفارق الزمني الشاسع بين مدين وبين فترة رواية الشعر، كما أن الشعر مروي بكلمات عربية فصيحة،ربما لا نعرف الصلة بين لغة مدين واللغة العربية المعروفة إضافة إلى أن أسماء الملوك هي عبارة عن حروف الهجاء في عدد من اللغات السامية كالعبرية والسريانية. ولقد كان المديانيون قوما تجارا، يتاجرون بالذهب والبخور مع اليمن، وبعضهم كانوا بدوا قاموا بمهاجمة بني إسرائيل في فلسطين في عصر القضاة.وسكن فرع من المديانيين بالقرب من جبل سيناء.

     وقد أطلق عليهم بعض المؤلفين أرومان واليونانيين لفظة أي عرب أو بمعنى ىخر بدو على سكان مدين من الإسماعيليين والمديانيين ولهذا قال البعض إن المديانيين عرب. وقد بعث الرسول صلى الله عليه وسلم سرية إلى مدين أميرهم زيد بن حارثة فأصاب سبياً منهم. وقد استقرت قبيلة جذام في أرض مدين ولذلك يقال: إن شعيباً عليه السلام أحد بني وائل من جذام. ويذكر بعض النسابة أن جذام من ولد يعفر بن مدين بن إبراهيم، ويوردون حديثا للنبي صلى الله عليه وسلم يقول فيه لوفد جذام:" مرحبا بقوم شعيب وأصهار موسى ولا تقوم الساعة حتى يتزوج فيكم المسيح ويولد له" والوضع في هذا الحديث ظاهر بين، خاصة أنه من مرويات ابن الكلبي، وهو تالف، ولا تقبل رواياته. كما أنه يتعارض مع الحديث الحسن الذي يرويه الترمذي عن فروة بن مسيك المرادي عن النبي صلى الله عليه وسلم من أن جذام من نسل سبأ، الذين هاجروا من اليمن واستقروا في الشام كما أنه في السيرة لم يرد ضمن الوفود ذكر وفد قبيلة جذام، سوى قدوم شخصين أحدهما وفادة رفاعة بن زيد بن عمير بن معبد الجذامي الذي ذكر بأنه أهدى للنبي صلى الله عليه وسلم عبدا والثاني فروة بن عمرو بن النافرة الجذامي الذي بعث إلى النبي صلى الله عليه وسلم بإسلامه وأهدى إليه بغلة بيضاء وفي الروايتين علل الانقطاع وضعف الإسناد، فبالتالي فالروايتان ضعيفتان إذن فإننا لا نرى نسبة أو علاقة بين جذام ومدين خاصة أن السابين والرواة ذكروا أن مدين من نسل إبراهيم عليه السلام، وليس من نسل سبا وقد نسب الرواة جذام إلى جذام عمرو بن عدي بن الحارث بن مرة بن أدد بن غريب زيد كهلان بن يشجب ويقول المقريزي: إنّ مالك بن دعر بن حجر بن جديلة بن لخم كان له 24 ولدا ذكرا، كثرت أولادهم حتى بنوا المدائن والقرى والحصون وعمروا بلاد مدين كلها وغلبوا على بلاد الشام ومصر والحجاز وغيرها 500 سنة وإن ملوك مدين استولوا على مصر مدة 500 سنة بعد غرق فرعون موسى وهلاك دلوكة بنت زفان حتى أخرجهم منها سليمان عليه السلام وبالتأكيد أن هذه القصة تناقض حقائق ووقائع التاريخ.

     كما أشار المقريزي أيضا أنه كان بأرض  مدين عدة مدائن قد باد أهلها وخربت وبقي منها إلى أيامه حوالي عام 825هـ نحو الأربعين مدينة قائمة، منها ما يعرف اسمه ومنها ما قد جهل اسمه.
     وفي موضع مدين اليوم العديد من الخرائب وإلى والآثار الدالة على ازدهار المنطقة في عصور سابقة، وتشهد على ما مرت به من أحداث وتطورات وتشمل الآثار مبان وبقايا قصور ومعابد وقبور وأدوات فخارية ومعدنية وحجرية. ويقال: إن في أرض مدين كهف كان يأوي إليه شعيب عليه السلام، وفيها جبال كثيرة وفيها كهوف ومغارات تحت الأرض، فيها عظام بالية عليها رواسخ مبنية، وهم قوم شعيب عليه السلام الذين أهلكهم الله تعالى. كما أن مدين شهدت عددا من الدول والممالك والأحداث التاريخية، وقال تعالى في سورة الأعراف/85: "وإلى مدين أخاهم شعيبا".



اسمـاءٌ فـي القُـرآن الكريـم
                                                       محمد رجب السامرائي


اسمـاءٌ فـي القُـرآن الكريـم, بابــــــــــل


أسمـاءٌ فـي القُـرآن الكريـم

بابــــــــــل


    
بسبب ورود بابل في حادثة السحر والملكين وسليمان عليه السلام وبسبب الأخذ من روايات بني إسرائيل والقصص الأولى وبسبب ما يحكيه الناس من أساطير حول السحر والسحرة وأعمالهم المخيفة وبسبب النقل أيضاً من مؤلفات اليونانيين والرومان الذين كانوا يجمعون أعاجيب الشرق وقصصه، أصبح لبابل ذكرا كثيرا في كتب التفسير والتاريخ والجغرافيا اختلطت فيه الحقائق بالأباطيل وتغيرت فيه الثوابت وأضيف إلى وصف بابل العديد من الخيالات لدرجة تبعد عن الواقع التاريخي الذي تأكد بمرور الزمن نتيجة للتطور في الاستكشافات الآثارية وظهور العديد من النقوش والكتابات البابلية التي أماطت اللثام عن الواقع التاريخي للمدينة العظيمة. وقبل الخوض في حقيقة بابل وباطلها سوف نفسر الآية حسب الرأي الراجح البعيد عن الأساطير والحكايات، يقول تعالى في سورة البقرة/102:"واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر".

   وقد تباينت روايات وآراء وأقوال المفسرين والرواة والمؤرخين والجغرافيين في تحديد موقع بابل ودورها السياسي والعسكري والديني ومعناها اللغوي. وسوف نتطرق إلى تلك الأقوال محاولين نقدها وتقويمها ثم سوف نتحدث عن تاريخ بابل ومعنى الاسم اللغوي لبابل كما هو معروف من المصادر والسجلّات القديمة سواء كانت في بلاد الرافدين أو خارجها.
   وذكر كثير من المؤرخين أن بابل المعنية في الآية قد تكون في العراق أو هي نهاوند أو هي نصيبين بل وضعها البعض في بلاد المغرب. وبلا شك ان كل التحديدات التي تخرج ببابل خارج بلاد الرافدين هي تحديدات غير صحيحة ولا توجد في بلاد المغرب أو المشرق مدينة مشهورة ببابل سوى بابل بلاد الرافدين. بل اسم بابل يعني منطقة أكبر من مدينة بابل نفسها، تحتوي على عدد من البلدات والقرى.
    كذلك أرجع عدد من الرواة المسلمين تسمية بابل إلى رواية مفادها انه بعد أن توقفت سفينة نوح على الجودي خرج منها نوح وأتباعه" وابتنوا ثمانين بيتا، فلما كثروا ابتنوا بابل، فكثروا فيها حتى بلغوا مائة ألف، وملكهم نمرود بن كنعان بن سنحاريب بن نمرود بن كوش بن حام بن نوح، فردهم عن الإسلام، فأمسوا وكلامهم السريانية، وأصبحوا وليس منهم مخلوق يعرف كلام صاحبه، فتبلبلت ألسنتهم" وهذه الرواية يبدو عليها الانتحال نظرا لأن راويها ابن الكلبي وهو ضعيف، بل متهم بالكذب. وفي رواية مشابهة رواها داود بن أبي هند عن علباء بن أحمر عن عكرمة عن ابن عباس أن نوحاً عليه السلام لما هبط إلى أسفل الجودي ابتنى قرية سماها ثمانين فأصبح ذات يوم وقد تبلبلت ألسنتهم على ثمانين لغة، إحداها اللسان العربي.
   ومدينة بابل، مدينة عريقة تقع على نهر الفرات، وتبعد عن بغداد90 كم جنوبا، وهذه المدينة تقع بالقرب من أضيق منطقة يتقارب فيها نهرا دجلّة والفرات. ولموقعها أهمية كبيرة فهي في وسط بلاد الرافدين بصورة عامة، وتقع في مناطق يتركز فيها العمران والسكان والزراعية، ولها مناعة جغرافية وطبيعية.

   ونشأت في المدينة أسرة عرفت بالأسرة البابلية الأولى، أسسها الملك سمو ـ أبوم1894 ـ 1881 ق . م، ويعدّ حمورابي 1792 ـ 1750 أو 1728 ـ 1686 ق. م من أشهر ملوك الدولة البابلية الأولى، وهو كذلك من أشهر الحكام في التاريخ القديم. ونالت مدينة بابل حظا وافرا من الاهتمام حتى فاقت كل عواصم بلاد الشرق المعاصرة لها، وأصبحت محط إعجاب الجميع ومرتعا خصبا للأساطير والقصص والحكايات. وقد سقطت الدولة البابلية الأولى على يد مورسيليس الأول 1620ـ 1590 ق.م أحد أشهر ملوك الحثيين. ثم نشأت في بابل الدولة الكاشية أو أسرة بابل الثالثة 1595 ـ 1157ق. م، والكاشيون في الأصل من قبائل هندو ـ أوربية، جبلية، سكنت شرق بلاد الرافدين. تمكنوا من فرض نفوذهم على بلاد الرافدين مدة حوالي 576 سنة.

    وقد أخذ اليهود تعاليم السحر والشعوذة من بابل التي اشتهرت بهذا في عصورها المختلفة، ووضع البابليون قوانين لعلم السحر والشعوذة الذي كانت له مكانة عالية في النفسية والعقلية البابلية والشرقية في العصور القديمة، كذلك عرف البابليون السحر البيض النافع والسحر الأسود الضار، وعبدوا آلهة مخصصة  للسحر لدفع الضرر وجلّب الخير ومقاومة الأرواح الشريرة مثل الربة أيا وابنها الإله مردوخ. وكان السحر يتمتع في المجتمع البابلي باحترام لم يكن يخلو من الخوف والحذر. وكان رجال الكهنوت من المرتبة الأولى لرجال الدين يقيمون طقوسا خاصة بذلك وتؤدي كذلك صلوات وتراتيل. ويلعب الشياطين دورا بارزا في السحر، وكان الساحر يقارع الشياطين الشريرة الضارة، بدعم من الإله مردوخ، وقد استخدم البابليون السحر في الطب وشفاء الأمراض.



اسمـاءٌ فـي القُـرآن الكريـم..... بابــــــــــل
                                                       محمد رجب السامرائي


اسمـاءٌ فـي القُـرآن الكريـم..... المساجـــــد



أسمـاءٌ فـي القُـرآن الكريـم

المساجـــــد



ورد ذكر المسجد والمساجد والمسجد الحرام في القرآن الكريم ،بلفظها ثمانيا وعشرين مرة، ووردت الإشارة إلى المسجد الحرام بلفظ بيت سبع عشرة مرة، ووردت الإشارة إليه باسم مقام إبراهيم ومصلى مرة واحدة ووردت الإشارة إلى المساجد بلفظ البيوت مرة واحدة ، ولكل مرة مناسبتها. فذكر عزّ وجلّ المساجد عامة نحو مسجد قبل الإسلام فقال في سورة الكهف /18:

" وكذلك أعثرنا عليهم ليعلموا أن وعد الله حق و أن الساعة لا ريب فيها إذ يتنازعون بينهم أمرهم فقالوا ابنوا عليهم بنيانا ربهم اعلم بهم قال الذين غلبوا على أمرهم لنتخذن عليهم مسجدا".

   وجه الله تعالى كلامه إلى بني إسرائيل في سورة الإسراء /7 :

 " أن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها فإذا جاء وعد الآخرة ليسوءا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علوا تتبيرا ".

    وعن إعداد المساجد يقول تبارك وتعالى في سورة البقرة/114-115:
 " ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها ما كان لهم أن يدخلوها غلا خائفين لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم . ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله إن الله واسع عليم ". يقول الخالق العظيم في بعض أحكام المساجد في سورة الأعراف /29-31: " قل أمر ربي بالقسط وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد وأدعوه مخلصين له الدين كما بدأكم تعودون ". وقال: " يا بني أدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين ".

    ومن حكمة القرآن الكريم قوله جلّت قدرته في سورة الحج /40 :
" ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيراً ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزّيز ".
كما أشار القرآن الكريم للمسجد الحرام بثمان وعشرين مرة فقال الحق في سورة الإسراء /1: " سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير ".
    كذلك قال الله سبحانه وتعالى في ذكر المسجد الحرام في سورة الحج /25-27: "إنّ الذين كفروا أو يصدون عن سبيل الله والمسجد الحرام الذي جعلناه للناس سواء العاكف فيه والباد ومن يرد فيه بالحاد بظلم نذقه من عذاب أليم وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت أن لا تشرك بي شيئا وطهر بيتي للطائفين والقائمين والركع السجود وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالاً وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق " .
   وجاء ذكر المسجد الحرام بلفظ البيت بقوله الكريم في سورة البقرة/125-: 126"
 وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهر بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود. وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا بلدا آمنا وأرزق أهله من الثمرات من آمن فيهم بالله واليوم الآخر قال ومن كفر فأمتعه قليلا ثم أضطره إلى عذاب النار وبئس المصير. وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم".
   وورد المسجد الحرام بلفظ البيت أيضا في سورة البقرة /158"
 إنّ الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو أعتمر فلا جناح عليه أن تطوف بهما ومن تطوع خيرا فإنّ الله شاكر عليم ". كما ورد ذكره بلفظ البيت في سورة قريش /1-:4" لإيلاف قريش. إيلافهم رحلة الشتاء والصيف فليعبدوا رب هذا البيت. الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف".
   وذكر المسجد الحرام بلفظ البيت بقوله عزّ وجلّ في سورة المائدة /97 :
" جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس والشهر الحرام والهدى والقلائد ذلك ليعلموا أن الله يعلم ما في السماوات وما في الأرض وإن الله بكل شيء عليم ". ممن يجوز بناء المساجد يذكر الله جلّ شأنه في سورة التوبة /17-18 " ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد الله شاهدين على أنفسهم بالكفر أولئك حبطت أعمالهم وفي النار هم خالدون . إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش إلاّ الله فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين".
      أما مسجد الضرار ومسجد التقوى فجاء عنه في سورة التوبة/ 107-108:
" والذين اتخذوا مسجد ضِراراً وكفراً وتفريقاً بين المؤمنين وارصاداً لمن حارب الله ورسوله من قبل وليحلفن إنْ أردنا إلاّ الحسنى والله يشهد إنهم لكاذبون لا تقم فيه أبداً لمسجد أُسِسَ على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه فيه رجال يحبون أن يتطهروا
 والله يحبُّ المُطّهرين". 




اسمـاءٌ فـي القُـرآن الكريـم..... المساجـــــد
                                                       محمد رجب السامرائي