‏إظهار الرسائل ذات التسميات (77) سورة المرسلات. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات (77) سورة المرسلات. إظهار كافة الرسائل

تفسير السعدي سور ... (77) سورة المرسلات



تفسير سورة المرسلات

وهي مكية
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفًا ( 1 ) فَالْعَاصِفَاتِ عَصْفًا ( 2 ) وَالنَّاشِرَاتِ نَشْرًا ( 3 ) فَالْفَارِقَاتِ فَرْقًا ( 4 ) فَالْمُلْقِيَاتِ ذِكْرًا ( 5 ) عُذْرًا أَوْ نُذْرًا ( 6 ) إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَوَاقِعٌ ( 7 ) فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ ( 8 ) وَإِذَا السَّمَاءُ فُرِجَتْ ( 9 ) وَإِذَا الْجِبَالُ نُسِفَتْ ( 10 ) وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ ( 11 ) لأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ ( 12 ) لِيَوْمِ الْفَصْلِ ( 13 ) وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الْفَصْلِ ( 14 ) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ ( 15 ) .
أقسم تعالى على البعث والجزاء بالأعمال ، بالمرسلات عرفا، وهي الملائكة التي يرسلها الله تعالى بشئونه القدرية وتدبير العالم، وبشئونه الشرعية ووحيه إلى رسله.
و ( عُرْفًا ) حال من المرسلات أي: أرسلت بالعرف والحكمة والمصلحة، لا بالنكر والعبث.
( فَالْعَاصِفَاتِ عَصْفًا ) وهي [ أيضا ] الملائكة التي يرسلها الله تعالى وصفها بالمبادرة لأمره، وسرعة تنفيذ أوامره، كالريح العاصف، أو: أن العاصفات، الرياح الشديدة، التي يسرع هبوبها.
( وَالنَّاشِرَاتِ نَشْرًا ) يحتمل أنها الملائكة ، تنشر ما دبرت على نشره، أو أنها السحاب التي ينشر بها الله الأرض، فيحييها بعد موتها.
( فَالْمُلْقِيَاتِ ذِكْرًا ) هي الملائكة تلقي أشرف الأوامر، وهو الذكر الذي يرحم الله به عباده، ويذكرهم فيه منافعهم ومصالحهم، تلقيه إلى الرسل.
( عُذْرًا أَوْ نُذْرًا ) أي: إعذارا وإنذارا للناس، تنذر الناس ما أمامهم من المخاوف وتقطع معذرتهم ، فلا يكون لهم حجة على الله.
( إِنَّمَا تُوعَدُونَ ) من البعث والجزاء على الأعمال ( لَوَاقِعٌ ) أي: متحتم وقوعه، من غير شك ولا ارتياب.
فإذا وقع حصل من التغير للعالم والأهوال الشديدة ما يزعج القلوب، وتشتد له الكروب، فتنطمس النجوم أي: تتناثر وتزول عن أماكنها وتنسف الجبال، فتكون كالهباء المنثور، وتكون هي والأرض قاعا صفصفا، لا ترى فيها عوجا ولا أمتا، وذلك اليوم هو اليوم الذي أقتت فيه الرسل، وأجلت للحكم بينها وبين أممها، ولهذا قال:
( لأيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ ) استفهام للتعظيم والتفخيم والتهويل.
ثم أجاب بقوله: ( لِيَوْمِ الْفَصْلِ ) [ أي: ] بين الخلائق، بعضهم لبعض، وحساب كل منهم منفردا، ثم توعد المكذب بهذا اليوم فقال: ( وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ ) أي: يا حسرتهم، وشدة عذابهم، وسوء منقلبهم، أخبرهم الله، وأقسم لهم، فلم يصدقوه، فاستحقوا العقوبة البليغة.
أَلَمْ نُهْلِكِ الأَوَّلِينَ ( 16 ) ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الآخِرِينَ ( 17 ) كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ ( 18 ) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ ( 19 ) .
أي: أما أهلكنا المكذبين السابقين، ثم نتبعهم بإهلاك من كذب من الآخرين، وهذه سنته السابقة واللاحقة في كل مجرم لا بد من عذابه ، فلم لا تعتبرون بما ترون وتسمعون؟
( وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ ) بعدما شاهدوا من الآيات البينات، والعقوبات والمثلات.

أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ ( 20 ) فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَارٍ مَكِينٍ ( 21 ) إِلَى قَدَرٍ مَعْلُومٍ ( 22 ) فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ ( 23 ) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (24 ) .
أي: أما خلقناكم أيها الآدميون ( مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ ) أي: في غاية الحقارة، خرج من بين الصلب والترائب، حتى جعله الله ( فِي قَرَارٍ مَكِينٍ ) وهو الرحم، به يستقر وينمو.
( إِلَى قَدَرٍ مَعْلُومٍ ) ووقت مقدر.
( فَقَدَرْنَا ) أي: قدرنا ودبرنا ذلك الجنين، في تلك الظلمات، ونقلناه من النطفة إلى العلقة، إلى المضغة، إلى أن جعله الله جسدا، ثم نفخ فيه الروح، ومنهم من يموت قبل ذلك.
( فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ ) [ يعني بذلك نفسه المقدسة ] حيث كان قدرا تابعا للحكمة، موافقا للحمد .
( وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ ) بعدما بين الله لهم الآيات، وأراهم العبر والبينات.
أَلَمْ نَجْعَلِ الأَرْضَ كِفَاتًا ( 25 ) أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا ( 26 ) وَجَعَلْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ شَامِخَاتٍ وَأَسْقَيْنَاكُمْ مَاءً فُرَاتًا ( 27 ) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ ( 28 ) .
أي: أما امتننا عليكم وأنعمنا، بتسخير الأرض لمصالحكم، فجعلناها ( كِفَاتًا ) لكم.
( أَحْيَاءً ) في الدور، ( وَأَمْوَاتًا ) في القبور، فكما أن الدور والقصور من نعم الله على عباده ومنته، فكذلك القبور، رحمة في حقهم، وسترا لهم، عن كون أجسادهم بادية للسباع وغيرها.
( وَجَعَلْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ ) أي: جبالا ترسي الأرض، لئلا تميد بأهلها، فثبتها الله بالجبال الراسيات الشامخات أي: الطوال العراض، ( وَأَسْقَيْنَاكُمْ مَاءً فُرَاتًا ) أي: عذبا زلالا قال تعالى: أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ * أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ * لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلا تَشْكُرُونَ
( وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ ) مع ما أراهم الله من النعم التي انفرد الله بها، واختصهم بها، فقابلوها بالتكذيب.
انْطَلِقُوا إِلَى مَا كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ ( 29 ) انْطَلِقُوا إِلَى ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ ( 30 ) لا ظَلِيلٍ وَلا يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ ( 31 ) إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ ( 32 ) كَأَنَّهُ جِمَالَتٌ صُفْرٌ ( 33 ) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ ( 34 ) .
هذا من الويل الذي أعد [ للمجرمين ] للمكذبين، أن يقال لهم يوم القيامة: ( انْطَلِقُوا إِلَى مَا كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ ) ثم فسر ذلك بقوله: ( انْطَلِقُوا إِلَى ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ ) أي: إلى ظل نار جهنم، التي تتمايز في خلاله ثلاث شعب أي: قطع من النار أي: تتعاوره وتتناوبه وتجتمع به.
( لا ظَلِيلٍ ) ذلك الظل أي: لا راحة فيه ولا طمأنينة، ( وَلا يُغْنِي ) من مكث فيه ( مِنَ اللَّهَبِ ) بل اللهب قد أحاط به، يمنة ويسرة ومن كل جانب، كما قال تعالى: لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ
لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ
ثم ذكر عظم شرر النار، الدال على عظمها وفظاعتها وسوء منظرها، فقال:
( إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ * كَأَنَّهُ جِمَالَةٌ صُفْرٌ ) وهي السود التي تضرب إلى لون فيه صفرة، وهذا يدل على أن النار مظلمة، لهبها وجمرها وشررها، وأنها سوداء، كريهة المرأى ، شديدة الحرارة، نسأل الله العافية منها [ من الأعمال المقربة منها ] .
( وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ )
هَذَا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ ( 35 ) وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ ( 36 ) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ ( 37 ) هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ جَمَعْنَاكُمْ وَالأَوَّلِينَ ( 38 ) فَإِنْ كَانَ لَكُمْ كَيْدٌ فَكِيدُونِ ( 39 ) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ ( 40 ) .
أي: هذا اليوم العظيم الشديد على المكذبين، لا ينطقون فيه من الخوف والوجل الشديد، ( وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ ) أي: لا تقبل معذرتهم، ولو اعتذروا: فَيَوْمَئِذٍ لا يَنْفَعُ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَعْذِرَتُهُمْ وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ
( هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ جَمَعْنَاكُمْ وَالأوَّلِينَ ) لنفصل بينكم، ونحكم بين الخلائق، ( فَإِنْ كَانَ لَكُمْ كَيْدٌ ) تقدرون على الخروج من ملكي وتنجون به من عذابي، ( فَكِيدُونِ ) أي: ليس لكم قدرة ولا سلطان، كما قال تعالى: يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ فَانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ إِلا بِسُلْطَانٍ
ففي ذلك اليوم، تبطل حيل الظالمين، ويضمحل مكرهم وكيدهم، ويستسلمون لعذاب الله، ويبين لهم كذبهم في تكذيبهم ( وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ)
إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلالٍ وَعُيُونٍ ( 41 ) وَفَوَاكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ ( 42 ) كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ( 43 ) إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ( 44) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ ( 45 ) .
لما ذكر عقوبة المكذبين، ذكر ثواب المحسنين، فقال: ( إِنَّ الْمُتَّقِينَ ) [ أي: ] للتكذيب، المتصفين بالتصديق في أقوالهم وأفعالهم وأعمالهم، ولا يكونون كذلك إلا بأدائهم الواجبات، وتركهم المحرمات.
( فِي ظِلالٍ ) من كثرة الأشجار المتنوعة، الزاهية البهية. ( وَعُيُونٍ ) جارية من السلسبيل، والرحيق وغيرهما، ( وَفَوَاكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ ) أي: من خيار الفواكه وطيبها، ويقال لهم: ( كُلُوا وَاشْرَبُوا ) من المآكل الشهية، والأشربة اللذيذة ( هَنِيئًا ) أي: من غير منغص ولا مكدر، ولا يتم هناؤه حتى يسلم الطعام والشراب من كل آفة ونقص، وحتى يجزموا أنه غير منقطع ولا زائل، ( بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ) فأعمالكم هي السبب الموصل لكم إلى هذا النعيم المقيم، وهكذا كل من أحسن في عبادة الله وأحسن إلى عباد الله، ولهذا قال: ( إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) ولو لم يكن لهم من هذا الويل إلا فوات هذا النعيم، لكفى به حرمانا وخسرانا .
كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلا إِنَّكُمْ مُجْرِمُونَ ( 46 ) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ ( 47 ) وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لا يَرْكَعُونَ ( 48 ) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ ( 49 ) فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ ( 50 ) .
هذا تهديد ووعيد للمكذبين، أنهم وإن أكلوا في الدنيا وشربوا وتمتعوا باللذات، وغفلوا عن القربات، فإنهم مجرمون، يستحقون ما يستحقه المجرمون، فستنقطع عنهم اللذات، وتبقى عليهم التبعات، ومن إجرامهم أنهم إذا أمروا بالصلاة التي هي أشرف العبادات، وقيل لهم: ( ارْكَعُوا ) امتنعوا من ذلك.
فأي إجرام فوق هذا؟ وأي تكذيب يزيد على هذا؟ «
» ( وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ ) ومن الويل عليهم أنهم تنسد عليهم أبواب التوفيق، ويحرمون كل خير، فإنهم إذا كذبوا هذا القرآن الكريم، الذي هو أعلى مراتب الصدق واليقين على الإطلاق.
( فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ ) أبالباطل الذي هو كاسمه، لا يقوم عليه شبهة فضلا عن الدليل؟ أم بكلام كل مشرك كذاب أفاك مبين؟.
فليس بعد النور المبين إلا دياجي الظلمات، ولا بعد الصدق الذي قامت الأدلة والبراهين على صدقه إلا الكذب الصراح والإفك المبين ، الذي لا يليق إلا بمن يناسبه.
فتبا لهم، ما أعماهم! وويحا لهم، ما أخسرهم وأشقاهم!
نسأل الله العفو والعافية [ إنه جواد كريم. تمت ] .

التفسير الميسر سور ..... (77) سورة المرسلات



سورة المرسلات

وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفًا ( 1 ) فَالْعَاصِفَاتِ عَصْفًا ( 2 ) وَالنَّاشِرَاتِ نَشْرًا ( 3 ) فَالْفَارِقَاتِ فَرْقًا ( 4 ) فَالْمُلْقِيَاتِ ذِكْرًا ( 5 ) عُذْرًا أَوْ نُذْرًا ( 6 ) إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَوَاقِعٌ ( 7 )
أقسم الله تعالى بالرياح حين تهب متتابعة يقفو بعضها بعضًا, وبالرياح الشديدة الهبوب المهلكة, وبالملائكة الموكلين بالسحب يسوقونها حيث شاء الله, وبالملائكة التي تنزل من عند الله بما يفرق بين الحق والباطل والحلال والحرام, وبالملائكة التي تتلقى الوحي من عند الله وتنزل به على أنبيائه; إعذارًا من الله إلى خلقه وإنذارًا منه إليهم ; لئلا يكون لهم حجة. إن الذي توعدون به مِن أمر يوم القيامة وما فيه من حساب وجزاء لنازلٌ بكم لا محالة.
فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ ( 8 ) وَإِذَا السَّمَاءُ فُرِجَتْ ( 9 ) وَإِذَا الْجِبَالُ نُسِفَتْ ( 10 ) وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ ( 11 ) لأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ ( 12 ) لِيَوْمِ الْفَصْلِ ( 13 ) وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الْفَصْلِ ( 14 ) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ ( 15 )
فإذا النجوم طُمست وذهب ضياؤها, وإذا السماء تصدَّعت, وإذا الجبال تطايرت وتناثرت وصارت هباء تَذْروه الرياح, وإذا الرسل عُيِّن لهم وقت وأجل للفصل بينهم وبين الأمم, يقال: لأيِّ يوم عظيم أخِّرت الرسل؟ أخِّرت ليوم القضاء والفصل بين الخلائق. وما أعلمك - أيها الإنسان- أيُّ شيء هو يوم الفصل وشدته وهوله؟ هلاك عظيم في ذلك اليوم للمكذبين بهذا اليوم الموعود.
أَلَمْ نُهْلِكِ الأَوَّلِينَ ( 16 ) ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الآخِرِينَ ( 17 ) كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ ( 18 )
ألم نهلك السابقين من الأمم الماضية; بتكذيبهم للرسل كقوم نوح وعاد وثمود؟ ثم نلحق بهم المتأخرين ممن كانوا مثلهم في التكذيب والعصيان. مِثل ذلك الإهلاك الفظيع نفعل بهؤلاء المجرمين من كفار « مكة » ؛ لتكذيبهم الرسول صلى الله عليه وسلم.
وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ ( 19 )
هلاك وعذاب شديد يوم القيامة لكل مكذِّب بأن الله هو الإله الحق وحده لا شريك له، والنبوةِ والبعث والحساب.
أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ ( 20 ) فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَارٍ مَكِينٍ ( 21 ) إِلَى قَدَرٍ مَعْلُومٍ ( 22 ) فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ ( 23 )
ألم نخلقكم- يا معشر الكفار- من ماء ضعيف حقير وهو النطفة, فجعلنا هذا الماء في مكان حصين, وهو رحم المرأة, إلى وقت محدود ومعلوم عند الله تعالى؟ فقدرنا على خلقه وتصويره وإخراجه, فنعم القادرون نحن.
وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ ( 24 )
هلاك وعذاب شديد يوم القيامة للمكذبين بقدرتنا.
أَلَمْ نَجْعَلِ الأَرْضَ كِفَاتًا ( 25 ) أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا ( 26 ) وَجَعَلْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ شَامِخَاتٍ وَأَسْقَيْنَاكُمْ مَاءً فُرَاتًا ( 27 )
ألم نجعل هذه الأرض التي تعيشون عليها, تضم على ظهرها أحياء لا يحصون, وفي بطنها أمواتًا لا يحصرون, وجعلنا فيها جبالا ثوابت عاليات؛ لئلا تضطرب بكم, وأسقيناكم ماءً عذبًا سائغًا؟
وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ ( 28 )
هلاك ودمار يوم القيامة للمكذبين بهذه النعم.
انْطَلِقُوا إِلَى مَا كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ ( 29 ) انْطَلِقُوا إِلَى ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ ( 30 ) لا ظَلِيلٍ وَلا يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ ( 31 ) إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ ( 32 ) كَأَنَّهُ جِمَالَتٌ صُفْرٌ ( 33 )
يقال للكافرين يوم القيامة: سيروا إلى عذاب جهنم الذي كنتم به تكذبون في الدنيا, سيروا, فاستظلوا بدخان جهنم يتفرع منه ثلاث قطع, لا يُظِل ذلك الظل من حر ذلك اليوم, ولا يدفع من حر اللهب شيئًا. إن جهنم تقذف من النار بشرر عظيم, كل شرارة منه كالبناء المشيد في العِظم والارتفاع. كأن شرر جهنم المتطاير منها إبل سود يميل لونها إلى الصُّفْرة.
وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ ( 34 )
هلاك وعذاب شديد يوم القيامة للمكذبين بوعيد الله.
هَذَا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ ( 35 ) وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ ( 36 )
هذا يوم القيامة الذي لا ينطق فيه المكذبون بكلام ينفعهم, ولا يكون لهم إذن في الكلام فيعتذرون؛ لأنه لا عذر لهم.
وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ ( 37 )
هلاك وعذاب شديد يومئذ للمكذبين بهذا اليوم وما فيه.
هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ جَمَعْنَاكُمْ وَالأَوَّلِينَ ( 38 ) فَإِنْ كَانَ لَكُمْ كَيْدٌ فَكِيدُونِ ( 39 )
هذا يوم يفصل الله فيه بين الخلائق, ويتميز فيه الحق من الباطل, جمعناكم فيه - يا معشر كفار هذه الأمة- مع الكفار الأولين من الأمم الماضية, فإن كان لكم حيلة في الخلاص من العذاب فاحتالوا, وأنقذوا أنفسكم مِن بطش الله وانتقامه.
وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ ( 40 )
هلاك ودمار يوم القيامة للمكذبين بيوم القيامة.
إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلالٍ وَعُيُونٍ ( 41 ) وَفَوَاكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ ( 42 ) كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ( 43 ) إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ( 44) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ ( 45 )
إن الذين خافوا ربهم في الدنيا, واتقوا عذابه بامتثال أوامره واجتناب نواهيه, هم يوم القيامة في ظلال الأشجار الوارفة وعيون الماء الجارية, وفواكه كثيرة مما تشتهيه أنفسهم يتنعمون. يقال لهم: كلوا أكلا لذيذًا, واشربوا شربًا هنيئًا؛ بسبب ما قدمتم في الدنيا من صالح الأعمال. إنا بمثل ذلك الجزاء العظيم نجزي أهل الإحسان في أعمالهم وطاعتهم لنا. هلاك وعذاب شديد يوم القيامة للمكذبين بيوم الجزاء والحساب وما فيه من النعيم والعذاب.
كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلا إِنَّكُمْ مُجْرِمُونَ ( 46 )
ثم هدَّد الله الكافرين فقال : كلوا من لذائذ الدنيا, واستمتعوا بشهواتها الفانية زمنًا قليلا؛ إنكم مجرمون بإشراككم بالله.
وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ ( 47 )
هلاك وعذاب شديد يوم القيامة للمكذبين بيوم الحساب والجزاء.
وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لا يَرْكَعُونَ ( 48 )
وإذا قيل لهؤلاء المشركين: صلُّوا لله, واخشعوا له, لا يخشعون ولا يصلُّون, بل يصرُّون على استكبارهم.
وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ ( 49 ) فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ ( 50 )
هلاك وعذاب شديد يوم القيامة للمكذبين بآيات الله، إن لم يؤمنوا بهذا القرآن، فبأي كتاب وكلام بعده يؤمنون؟ وهو المبيِّن لكل شيء، الواضح في حكمه وأحكامه وأخباره، المعجز في ألفاظه ومعانيه.

اسباب النزول لسور القران الكريم... (77) سورة المرسلات



اسباب النزول لسور القران الكريم


(77) سورة المرسلات

سبب التسمية :
..........................
‏ ‏سُميت ‏بهذا ‏الاسم ‏لورود ‏هذا ‏النوع ‏أو ‏الصنف ‏من ‏الملائكة ‏في ‏هذه ‏السورة ‏‏، ‏أم ‏كان ‏للرياح ‏فالمرسلات ‏كانت بداية ‏السورة ‏واسم ‏السورة ‏‏. ‏وسُميت ‏أيضا ‏‏"والمرسلات ‏عرفا ‏‏" ‏‏، ‏‏" ‏والمرسلات ‏‏" ‏‏، ‏و" ‏العرف‎ " .‎‏

التعريف بالسورة :
..............................
1) مكية .

2) من المفصل .

3) آياتها 50 .

4) ترتيبها السابعة والسبعون .

5) نزلت بعد الهمزة .

6) بدأت باسلوب القسم " والمرسلات عرفا " والمرسلات هي رياح العذاب و لم يذكر في السورة لفظ الجلالة .

7) (29) ، الحزب (58) ، الربع (8) .

محور مواضيع السورة :
...................................
تُعَالِجُ السًّورةُ أمورَ العقيدةِ وتَبحثُ في شؤونِ الآخرةِ ، ودلائلَ القُدرةِ ، والوحدانيَّةِ ، وسَائرَ الأمورِ الغَيبيةِ .

سبب نزول السورة :
................................
عن ابن مسعود قال : كنا مع رسول الله في سفح جبل وهو قائم يصلى وهم قيام قال : إذ مرت به حية فاستيقظنا وهو يقول : منعها منكم الذي منعكم منها وانزلت عليه والمرسلات عرفا فالعاصفات عصفا فأخذتها وهي رطبة بفيه . أو فوه رطب بها .( رواه احمد ). 


سور القران الكريم مكتوية.... (77) سورة المرسلات



سور القران الكريم

(77) سورة المرسلات





﴿ بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴾

وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا ﴿١

 فَالْعَاصِفَاتِ عَصْفًا ﴿٢

 وَالنَّاشِرَاتِ نَشْرًا﴿٣

 فَالْفَارِقَاتِ فَرْقًا ﴿٤

 فَالْمُلْقِيَاتِ ذِكْرًا ﴿٥

 عُذْرًا أَوْ نُذْرًا﴿٦

 إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَوَاقِعٌ ﴿٧

 فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ ﴿٨

 وَإِذَا السَّمَاءُ فُرِجَتْ ﴿٩

 وَإِذَا الْجِبَالُ نُسِفَتْ ﴿١٠

 وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ﴿١١

 لِأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ ﴿١٢

 لِيَوْمِ الْفَصْلِ ﴿١٣

 وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الْفَصْلِ ﴿١٤

 وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ ﴿١٥

 أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ ﴿١٦

 ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآخِرِينَ ﴿١٧

 كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ ﴿١٨

 وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ ﴿١٩

 أَلَمْ نَخْلُقكُّم مِّن مَّاءٍ مَّهِينٍ ﴿٢٠

 فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ ﴿٢١

 إِلَى قَدَرٍ مَّعْلُومٍ ﴿٢٢

 فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ ﴿٢٣ 

وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ ﴿٢٤

 أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفَاتًا ﴿٢٥

 أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا ﴿٢٦

وَجَعَلْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ شَامِخَاتٍ وَأَسْقَيْنَاكُم مَّاءً فُرَاتًا ﴿٢٧

 وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ ﴿٢٨

 انطَلِقُوا إِلَى مَا كُنتُم بِهِ تُكَذِّبُونَ ﴿٢٩

 انطَلِقُوا إِلَى ظِلٍّ ذِي ثَلَاثِ شُعَبٍ ﴿٣٠

 لَّا ظَلِيلٍ وَلَا يُغْنِي مِنَ اللَّـهَبِ ﴿٣١

 إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ ﴿٣٢

 كَأَنَّهُ جِمَالَتٌ صُفْرٌ ﴿٣٣

وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ ﴿٣٤

 هَـذَا يَوْمُ لَا يَنطِقُونَ ﴿٣٥

 وَلَا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ ﴿٣٦

 وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ ﴿٣٧

 هَـذَا يَوْمُ الْفَصْلِ جَمَعْنَاكُمْ وَالْأَوَّلِينَ ﴿٣٨ 

فَإِن كَانَ لَكُمْ كَيْدٌ فَكِيدُونِ ﴿٣٩

 وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ ﴿٤٠

 إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلَالٍ وَعُيُونٍ ﴿٤١

 وَفَوَاكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ ﴿٤٢

 كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴿٤٣

 إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ﴿٤٤

 وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ ﴿٤٥

 كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلًا إِنَّكُم مُّجْرِمُونَ ﴿٤٦

 وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ ﴿٤٧ 

وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لَا يَرْكَعُونَ ﴿٤٨ 

وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ ﴿٤٩ 

فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ ﴿٥٠