تفسير الجلالين للقران الكريم أجزاء.. 26
الجزء السادس والعشرون
46. سورة الأحقاف
1. ( حم ) الله أعلم بمراده به
2. ( تنزيل الكتاب ) القرآن مبتدأ ( من الله ) خبره ( العزيز ) في ملكه ( الحكيم ) في صنعه
3. ( ما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما إلا ) خلقا ( بالحق ) ليدل على قدرتنا ووحدانيتنا ( وأجل مسمى ) إلى فنائهما يوم القيامة ( والذين كفروا عما أنذروا ) خوفوا به من العذاب ( معرضون )
4. ( قل أرأيتم ) أخبروني ( ما تدعون ) تعبدون ( من دون الله ) الأصنام مفعول أول ( أروني ) أخبروني ما تأكيد ( ماذا خلقوا) مفعول ثان ( من الأرض ) بيان ما ( أم لهم شرك ) مشاركة ( في ) خلق ( السماوات ) مع الله وأم بمعنى همزة الانكار ( ائتوني بكتاب ) منزل ( من قبل هذا ) القرآن ( أو أثارة ) بقية ( من علم ) يؤثر عن الأولين بصحة دعواكم في عبادة الأصنام أنها تقربكم إلى الله ( إن كنتم صادقين ) في دعواكم
5. ( ومن ) استفهام بمعنى النفي أي لا أحد ( أضل ممن يدعو ) يعبد ( من دون الله ) أي غيره ( من لا يستجيب له إلى يوم القيامة ) وهم الأصنام لا يجيبون عابديهم إلى شيء يسألونه أبدا ( وهم عن دعائهم ) عبادتهم ( غافلون ) لأنهم جماد لا يعقلون
503
6. ( وإذا حشر الناس كانوا ) أي الأصنام ( لهم ) لعابديهم ( أعداء وكانوا بعبادتهم ) بعبادة عابديهم ( كافرين ) جاحدين
7. ( وإذا تتلى عليهم ) أي أهل مكة ( آياتنا ) القرآن ( بينات ) ظاهرات حال ( قال الذين كفروا ) منهم ( للحق ) أي القرآن ( لما جاءهم هذا سحر مبين ) بين ظاهر
8. ( أم ) بمعنى بل وهمزة الانكار ( يقولون افتراه ) أي القرآن ( قل إن افتريته ) فرضا ( فلا تملكون لي من الله ) من عذابه ( شيئا ) أي لا تقدرون على دفعه عني إذا عذبني الله ( هو أعلم بما تفيضون فيه ) تقولون في القرآن ( كفى به ) تعالى ( شهيدا بيني وبينكم وهو الغفور ) لمن تاب ( الرحيم ) بهم فلم يعاجلهم بالعقوبة
9. ( قل ما كنت بدعا ) بديعا ( من الرسل ) أي أول مرسل قد سبق قبلي كثيرون منهم فكيف تكذبونني ( وما أدري ما يفعل بي ولا بكم ) في الدنيا أأخرج من بلدي أم أقتل كما فعل بالأنبياء قبلي أو ترموني بالحجارة أم يخسف بكم كالمكذبين من قبلكم ( إن ) ما ( أتبع إلا ما يوحى إلي ) أي القرآن ولا أبتدع من عندي شيئا ( وما أنا إلا نذير مبين ) بين الانذار
10. ( قل أرأيتم ) أخبروني ماذا حالكم ( إن كان ) القرآن ( من عند الله وكفرتم به ) جملة حالية ( وشهد شاهد من بني إسرائيل ) هو عبد الله بن سلام ( على مثله ) عليه أنه من عند الله ( فآمن ) الشاهد ( واستكبرتم ) تكبرتم عن الإيمان وجواب الشرط بما عطف عليه ألستم ظالمين دل عليه ( إن الله لا يهدي القوم الظالمين )
11. ( وقال الذين كفروا للذين آمنوا ) في حقهم ( لو كان ) الإيمان ( خيرا ما سبقونا إليه وإذ لم يهتدوا ) القائلون ( به ) القرآن ( فسيقولون هذا ) القرآن ( إفك ) كذب ( قديم )
12. ( ومن قبله ) القرآن ( كتاب موسى ) التوراة ( إماما ورحمة ) للمؤمنين به حالان ( وهذا ) القرآن ( كتاب مصدق ) للكتب قبله ( لسانا عربيا ) حال من الضمير في مصدق ( لينذر الذين ظلموا ) مشركي مكة وهو ( وبشرى للمحسنين ) المؤمنين
13. ( إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا ) على الطاعة ( فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون )
14. ( أولئك أصحاب الجنة خالدين فيها ) حال ( جزاء ) منصوب على المصدر بفعله المقدر أي يجزون ( بما كانوا يعملون )
15. ( ووصينا الإنسان بوالديه إحسانا ) وفي قراءة إحسانا أي أمرناه أن يحسن إليهما فنصب إحسانا على المصدر بفعله المقدر ومثله حسنا ( حملته أمه كرها ووضعته كرها ) على مشقة ( وحمله وفصاله ) من الرضاع ( ثلاثون شهرا ) ستة أشهر أقل مدة الحمل والباقي أكثر مدة الرضاع وقيل إن حملت به ستة أو تسعة أرضعته الباقي ( حتى ) غاية لجملة مقدرة أي وعاش حتى (إذا بلغ أشده ) هو كمال قوته وعقله ورأيه أقله ثلاث وثلاثون سنة أو ثلاثون ( وبلغ أربعين سنة ) أي تمامها وهو أكثر الأشد ( قال رب ) الخ نزل في ابي بكر الصديق لما بلغ أربعين سنة بعد سنتين من مبعث النبي صلى الله عليه وسلم آمن به ثم آمن أبواه ثم ابنه عبد الرحمن وابن عبد الرحمن أبو عتيق ( أوزعني ) ألهمني ( أن أشكر نعمتك التي أنعمت ) بها (علي وعلى والدي ) وهي التوحيد ( وأن أعمل صالحا ترضاه ) فأعتق تسعة من المؤمنين يعذبون في الله ( وأصلح لي في ذريتي ) فكلهم مؤمنون ( إني تبت إليك وإني من المسلمين )
16. ( أولئك ) أي قائلو هذا القول أبوبكر وغيره ( الذين نتقبل عنهم أحسن ) بمعنى حسن ( ما عملوا ونتجاوز عن سيئاتهم في أصحاب الجنة ) حال أي كائنين في جملتهم ( وعد الصدق الذي كانوا يوعدون ) في قوله تعالى وعد الله المؤمنين والمؤمنات جنات
17. ( والذي قال لوالديه ) وفي قراءة بالإدغام أريد به الجنس ( أف ) بكسر الفاء وفتحها بمعنى مصدر أي نتنا وقبحا ( لكما) أتضجر منكما ( أتعدانني ) وفي قراءة بالإدغام ( أن أخرج ) من القبر ( وقد خلت القرون ) الأمم ( من قبلي ) ولم تخرج من القبور ( وهما يستغيثان الله ) يسألانه الغوث برجوعه ويقولان إن لم ترجع ( ويلك ) أي هلاكك بمعنى هلكت ( آمن ) بالبعث (إن وعد الله حق فيقول ما هذا ) أي القول بالبعث ( إلا أساطير الأولين ) أكاذيبهم
18. ( أولئك الذين حق ) وجب ( عليهم القول ) بالعذاب ( في أمم قد خلت من قبلهم من الجن والإنس إنهم كانوا خاسرين )
19. ( ولكل ) من جنس المؤمن والكافر ( درجات ) فدرجات المؤمنين في الجنة عالية ودرجات الكافرين في النار سافلة ( مما عملوا ) أي المؤمنون من الطاعات والكافرون في المعاصي ( وليوفيهم ) أي الله وفي قراءة بالنون ( أعمالهم ) أي جزاءها ( وهم لا يظلمون ) شيئا ينقص للمؤمنين ويزاد للكفار
20. ( ويوم يعرض الذين كفروا على النار ) بأن تكشف لهم يقال لهم ( أذهبتم ) بهمزة وهمزتين وبهمزة ومدة وبها وتسهيل الثانية ( طيباتكم ) بإشغالكم بلذاتكم ( في حياتكم الدنيا واستمتعتم ) تمتعتم ( بها فاليوم تجزون عذاب الهون ) أي الهوان ( بما كنتم تستكبرون ) تتكبرون ( في الأرض بغير الحق وبما كنتم تفسقون ) به وتعذبون بها
21. ( واذكر أخا عاد ) هو هود عليه السلام ( إذ ) ألخ بدل اشتمال ( أنذر قومه ) خوفهم ( بالأحقاف ) واد باليمن به منازلهم ( وقد خلت النذر ) مضت الرسل ( من بين يديه ومن خلفه ) أي من قبل هود ومن بعده إلى أقوامهم أن أي بأن قال ( ألا تعبدوا إلا الله ) وجملة قد خلت معترضة ( إني أخاف عليكم ) إن عبدتم غير الله ( عذاب يوم عظيم )
22. ( قالوا أجئتنا لتأفكنا عن آلهتنا ) لتصرفنا عن عبادتها ( فأتنا بما تعدنا ) من العذاب على عبادتها ( إن كنت من الصادقين) في أنه يأتينا
23. ( قال ) هود ( إنما العلم عند الله ) هو الذي يعلم متى يأتيكم العذاب ( وأبلغكم ما أرسلت به ) إليكم ( ولكني أراكم قوما تجهلون ) باستعجالكم العذاب
24. ( فلما رأوه ) أي العذاب ( عارضا ) سحابا عرض في أفق السماء ( مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا ) أي ممطر إيانا قال تعالى ( بل هو ما استعجلتم به ) من العذاب ( ريح ) بدل من ما ( فيها عذاب أليم ) مؤلم
25. ( تدمر ) تهلك ( كل شيء ) مرت عليه ( بأمر ربها ) بإرادته أي كل شيء أراد إهلاكه بها فأهلكت رجالهم ونساءهم وصغارهم وأموالهم بأن طارت بذلك بين السماء والأرض ومزقته وبقي هود ومن آمن معه ( فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم كذلك ) كما جزيناهم (نجزي القوم المجرمين ) غيرهم
26. ( ولقد مكناهم فيما ) في الذي ( إن ) نافية أو زائدة ( مكناكم ) يا أهل مكة ( فيه ) من القوة والمال ( وجعلنا لهم سمعا ) بمعنى أسمعا ( وأبصارا وأفئدة ) قلوبا ( فما أغنى عنهم سمعهم ولا أبصارهم ولا أفئدتهم من شيء ) أي شيئا من الاغناء ومن زائدة ( إذ ) معمولة لأغنى وأشربت من معنى التعليل ( كانوا يجحدون بآيات الله ) حججه البينة ( وحاق ) نزل ( بهم ما كانوا به يستهزئون ) أي العذاب
27. ( ولقد أهلكنا ما حولكم من القرى ) أي من أهلها كثمود وعاد وقوم لوط ( وصرفنا الآيات ) كررنا الحجج البينات ( لعلهم يرجعون )
28. ( فلولا ) هلا ( نصرهم ) بدفع العذاب عنهم ( الذين اتخذوا من دون الله ) أي غيره ( قربانا ) متقربا بهم إلى الله (آلهة ) معه وهم الأصنام ومفعول اتخذ الأول ضمير محذوف يعود على الموصول أي هم وقربانا الثاني وآلهة بدل منه ( بل ضلوا) غابوا ( عنهم ) عند نزول العذاب ( وذلك ) أي اتخاذهم الأصنام آلهة قربانا ( إفكهم ) كذبهم ( وما كانوا يفترون ) يكذبون وما مصدرية أو موصولة والعائد محذوف أي فيه
29. واذكر ( وإذ صرفنا ) أملنا ( إليك نفرا من الجن ) جن نصيبين باليمن أو جن نينوى وكانوا سبعة أو تسعة وكان صلى الله عليه وسلم ببطن نحل يصلي بأصحابه الفجر رواه الشيخان ( يستمعون القرآن فلما حضروه قالوا ) أي قال بعضهم لبعض ( أنصتوا ) اصغوا لاستماعه ( فلما قضي ) فرغ من قراءته ( ولوا ) رجعوا ( إلى قومهم منذرين ) مخوفين قومهم العذاب إن لم يؤمنوا وكانوا يهودا وقد أسلموا
30. ( قالوا يا قومنا إنا سمعنا كتابا ) هو القرآن ( أنزل من بعد موسى مصدقا لما بين يديه ) أي تقدمه التوراة ( يهدي إلى الحق ) الإسلام ( وإلى طريق مستقيم ) أي طريقه
31. ( يا قومنا أجيبوا داعي الله ) محمدا صلى الله عليه وسلم إلى الإيمان ( وآمنوا به يغفر ) الله ( لكم من ذنوبكم ) أي بعضها لأن منها المظالم لا تغفر إلا برضاء أصحابها ( ويجركم من عذاب أليم ) مؤلم
32. ( ومن لا يجب داعي الله فليس بمعجز في الأرض ) أي لا يعجز الله بالهرب منه فيفوته ( وليس له ) لمن لا يجيب ( من دونه ) أي الله ( أولياء ) أنصار يدفعون عنه العذاب ( أولئك ) الذين لم يجيبوا ( في ضلال مبين ) بين ظاهر
33. ( أولم يروا أن ) يعلموا أي منكرو البعث ( الله الذي خلق السماوات والأرض ولم يعي بخلقهن بقادر ) لم يعجز عنه (على ) خبر أن وزيدت الباء فيه لأن الكلام في قوة أليس الله بقادر ( أن يحيي الموتى بلى إنه ) هو قادر على إحياء الموتى ( على كل شيء قدير ويوم )
34. ( ويوم يعرض الذين كفروا على النار ) بأن يعذبوا بها يقال لهم ( أليس هذا ) التعذيب ( بالحق قالوا بلى وربنا قال فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون )
35. ( فاصبر ) على أذى قومك ( كما صبر أولوا العزم ) ذوو الثبات والصبر على الشدائد ( من الرسل ) قبلك فتكون ذا عزم ومن للبيان فكلهم ذوو عزم وقيل للتبغيض فليس منهم آدم لقوله تعالى ولم نجد له عزما ولا يونس لقوله تعالى ولا تكن كصاحب الحوت ( ولا تستعجل لهم ) لقومك نزول العذاب بهم فأمر بالصبر وترك الاستعجال للعذاب فإنه نازل بهم لا محالة ( كأنهم يوم يرون ما يوعدون ) من العذاب في الآخرة لطوله ( لم يلبثوا ) في الدنيا في ظنهم ( إلا ساعة من نهار ) هذا القرآن ( بلاغ ) تبليغ من الله إليكم ( فهل ) أي لا ( يهلك ) عند رؤية العذاب ( إلا القوم الفاسقون ) أي الكافرون
12. ( إن الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار والذين كفروا يتمتعون ) في الدنيا ( ويأكلون كما تأكل الأنعام ) ليس لهم هم إلا بطونهم وفروجهم ولا يلتفتون إلى الآخرة ( والنار مثوى لهم ) منزل ومقام ومصير
13. ( وكأين ) وكم ( من قرية ) أريد بها أهلها ( هي أشد قوة من قريتك ) قوة أهل مكة ( التي أخرجتك ) روعي لفظ قرية ( أهلكناهم ) روعي معنى قرية الأولى ( فلا ناصر لهم ) من إهلاكنا
14. ( أفمن كان على بينة ) حجة وبرهان ( من ربه ) وهم المؤمنون ( كمن زين له سوء عمله ) فرآه حسنا وهم كفار مكة (واتبعوا أهواءهم ) في عبادة الأوثان أي لا مماثلة بينهما
15. ( مثل ) صفة ( الجنة التي وعد المتقون ) المشتركة بين داخليها مبتدأ خبره ( فيها أنهار من ماء غير آسن ) بالمد والقصر كضارب وحذر أي غير متغير بخلاف ماء الدنيا فيتغير بعارض ( وأنهار من لبن لم يتغير طعمه ) بخلاف لبن الدنيا لخروجه من الضروع ( وأنهار من خمر لذة ) لذيذة ( للشاربين ) بخلاف خمر الدنيا فإنها كريهة عند الشرب ( وأنهار من عسل مصفى ) بخلاف عسل الدنيا فإنه بخروجه من بطن النحل يخالط الشمع وغيره ( ولهم فيها ) أصناف ( من كل الثمرات ومغفرة من ربهم ) فهو راض عنهم مع إحسانه إليهم بما ذكر بخلاف سيد العبيد في الدنيا فإنه قد يكون مع إحسانه إليهم ساخطا عليهم ( كمن هو خالد في النار ) خبر مبتدأ مقدر أي أمن هو في هذا النعيم ( وسقوا ماء حميما ) أي شديد الحرارة ( فقطع أمعاءهم ) أي مصارينهم وهو جمع معى بالقصر وألفه عن ياء لقوامهم معيان
16. ( ومنهم ) أي الكفار ( من يستمع إليك ) في خطبة الجمعة وهم المنافقون ( حتى إذا خرجوا من عندك قالوا للذين أوتوا العلم ) لعلماء الصحابة منهم ابن مسعود وابن عباس استهزاء وسخرية ( ماذا قال آنفا ) بالمد والقصر أي الساعة أي لا نرجع إليه ( أولئك الذين طبع الله على قلوبهم ) بالكفر ( واتبعوا أهواءهم ) في النفاق
17. ( والذين اهتدوا ) وهم المؤمنون ( زادهم ) الله ( هدى وآتاهم تقواهم ) ألهمهم ما يتقون به النار
18. ( فهل ينظرون ) ما ينتظرون أي كفار مكة ( إلا الساعة أن تأتيهم ) بدل اشتمال من الساعة أي ليس الأمر إلا أن تاتيهم ( بغتة) فجأة ( فقد جاء أشراطها ) علاماتها منها بعثة النبي صلى الله عليه وسلم وانشقاق القمر والدخان ( فأنى لهم إذا جاءتهم ) الساعة ( ذكراهم ) تذكرهم أي لا ينفعهم
19. ( فاعلم أنه لا إله إلا الله ) أي دم يا محمد على علمك بذلك النافع في القيامة ( واستغفر لذنبك ) لأجله قيل له ذلك مع عصمته لتستن به أمته وقد فعله قال صلى الله عليه وسلم إني لأستغفر الله في كل يوم مائة مرة ( وللمؤمنين والمؤمنات ) فيه إكرام لهم بأمر نبيهم بالاستغفار لهم ( والله يعلم متقلبكم ) متصرفكم لأشغالكم في النهار ( ومثواكم ) مأواكم إلى مضاجعكم بالليل أي هو عالم بجميع أحوالكم لا يخفى عليه شيء منها فاحذروه والخطاب للمؤمنين وغيرهم
20. ( ويقول الذين آمنوا ) طلبا للجهاد ( لولا ) هلا ( نزلت سورة ) فيها ذكر الجهاد ( فإذا أنزلت سورة محكمة ) أي لم ينسخ منها شيء ( وذكر فيها القتال ) أي طلبه ( رأيت الذين في قلوبهم مرض ) شك وهم المنافقون ( ينظرون إليك نظر المغشي ) المغمى ( عليه من الموت ) خوفا منه وكراهة له أي فهم يخافون من القتال ويكرهونه ( فأولى لهم ) مبتدأ خبره
21. ( طاعة وقول معروف ) أي حسن لك ( فإذا عزم الأمر ) أي فرض القتال ( فلو صدقوا الله ) في الإيمان والطاعة ( لكان خيرا لهم ) وجملة لو جواب إذا
22. ( فهل عسيتم ) بكسر السبن وفتحها وفيه التفات عن الغيبة إلى الخطاب أي لعلكم ( إن توليتم ) أعرضتم عن الإيمان ( أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم ) أن تعودوا إلى أمر الجاهلية من البغي والقتال
23. ( أولئك ) أي المفسدون ( الذين لعنهم الله فأصمهم ) عن استماع الحق ( وأعمى أبصارهم ) عن طريق الهدى
24. ( أفلا يتدبرون القرآن ) فيعرفون الحق ( أم ) بل ( على قلوب ) لهم ( أقفالها ) فلا يفهمونه
25. ( إن الذين ارتدوا ) بالنفاق ( على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى الشيطان سول ) أي زين ( لهم وأملى لهم ) بضم أوله وبفتحه واللام والمملي الشيطان بإرادته تعالى فهو المضل لهم
26. ( ذلك ) أي إضلالهم ( بأنهم قالوا للذين كرهوا ما نزل الله ) أي للمشركين ( سنطيعكم في بعض الأمر ) أي المعاونة على عداوة النبي صلى الله عليه وسلم وتثبيط الناس عن الجهاد معه قالوا ذلك سرا فأظهره الله تعالى ( والله يعلم إسرارهم ) بفتح الهمزة جمع سر وبكسرها مصدر
27. ( فكيف ) حالهم ( إذا توفتهم الملائكة يضربون ) حال من الملائكة ( وجوههم وأدبارهم ) ظهورهم بمقامع من حديد
28. ( ذلك ) التوفي على الحالة المذكورة ( بأنهم اتبعوا ما أسخط الله وكرهوا رضوانه ) أي العمل بما يرضيه ( فأحبط أعمالهم )
29. ( أم حسب الذين في قلوبهم مرض أن لن يخرج الله أضغانهم ) يظهر أحقادهم على النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين
30. ( ولو نشاء لأريناكهم ) عرفناكم وكررت اللام في ( فلعرفتهم بسيماهم ) علامتهم ( ولتعرفنهم ) الواو لقسم محذوف وما بعدها جوابه ( في لحن القول ) أي معناه إذا تكلموا عندك بأن يعرضوا بما فيه تهجين أمر المسلمين ( والله يعلم أعمالكم )
31. ( ولنبلونكم ) نختبركم بالجهاد وغيره ( حتى نعلم ) علم ظهور ( المجاهدين منكم والصابرين ) في الجهاد وغيره ( ونبلوا ) نظهر ( أخباركم ) من طاعتكم وعصيانكم في الجهاد وغيره بالياء والنون في الافعال الثلاثة
32. ( إن الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله ) طريق الحق ( وشاقوا الرسول ) خالفوه ( من بعد ما تبين لهم الهدى ) هو معنى سبيل الله ( لن يضروا الله شيئا وسيحبط أعمالهم ) يبطلها من صدقة ونحوها فلا يرون لها في الآخرة ثوابا نزلت في المطمعين من أصحاب بدر أو في قريظة والنضير
33. ( يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ولا تبطلوا أعمالكم ) بالمعاصي مثلا
34. ( إن الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله ) طريقه وهو الهدى ( ثم ماتوا وهم كفار فلن يغفر الله لهم ) نزلت في اصحاب القليب
35. ( فلا تهنوا ) تضعفوا ( وتدعوا إلى السلم ) بفتح السين وكسرها أي الصلح مع الكفار إذ لقيتموهم ( وأنتم الأعلون ) حذف منه واو لام الفعل الأغلبون القاهرون ( والله معكم ) بالعون والنصر ( ولن يتركم ) ينقصكم ( أعمالكم ) أي ثوابها
36. ( إنما الحياة الدنيا ) أي الاشتغال فيها ( لعب ولهو وإن تؤمنوا وتتقوا ) الله وذلك من أمور الآخرة ( يؤتكم أجوركم ولا يسألكم أموالكم ) جميعها بل الزكاة المفروضة فيها
37. ( إن يسألكموها فيحفكم ) يبالغ في طلبها ( تبخلوا ويخرج ) البخل ( أضغانكم ) لدين الإسلام
38. ( ها أنتم ) يا ( هؤلاء تدعون لتنفقوا في سبيل الله ) ما فرض عليكم ( فمنكم من يبخل ومن يبخل فإنما يبخل عن نفسه ) يقال بخل عليه وعنه ( والله الغني ) عن نفقتكم ( وأنتم الفقراء ) إليه ( وإن تتولوا ) عن طاعته ( يستبدل قوما غيركم ) أي يجعلهم بدلكم ( ثم لا يكونوا أمثالكم ) في التولي عن طاعته بل مطيعين لع عز وجل
48. سورة الفتح
1. ( إنا فتحنا لك ) قضينا بفتح مكة وغيرها في المستقبل عنوة بجهادك ( فتحا مبينا ) بينا ظاهرا
2. ( ليغفر لك الله ) بجهادك ( ما تقدم من ذنبك وما تأخر ) منه لترغب امتك في الجهاد وهو مؤول لعصمة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام بالدليل العقلي القاطع من الذنوب واللام للعلة الغائية فمدخولها مسبب لا سبب ( ويتم ) بالفتح المذكور ( نعمته) إنعامه ( عليك ويهديك ) به ( صراطا ) طريقا ( مستقيما ) يثبتك عليه وهو دين الإسلام
3. ( وينصرك الله ) به ( نصرا عزيزا ) ذا عز لا ذل له
4. ( هو الذي أنزل السكينة ) الطمأنينة ( في قلوب المؤمنين ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم ) بشرائع الدين كلما نزل واحدة منها آمنوا بها ومنها الجهاد ( ولله جنود السماوات والأرض ) فلو أراد نصر دينه بغيركم لفعل ( وكان الله عليما ) بخلقه ( حكيما ) في صنعه أي لم يزل متصفا بذلك
5. ( ليدخل ) متعلق بمحذوف أي أمر الجهاد ( المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ويكفر عنهم سيئاتهم وكان ذلك عند الله فوزا عظيما )
6. ( ويعذب المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات الظانين بالله ظن السوء ) بفتح السين وضمها في المواضع الثلاثة ظنوا أنه لا ينصر محمدا صلى الله عليه وسلم والمؤمنين ( عليهم دائرة السوء ) بالذل والعذاب ( وغضب الله عليهم ولعنهم ) أبعدهم (وأعد لهم جهنم وساءت مصيرا ) مرجعا
7. ( ولله جنود السماوات والأرض وكان الله عزيزا ) في ملكه ( حكيما ) في صنعه أي لم يزل متصفا بذلك
8. ( إنا أرسلناك شاهدا ) على أمتك في القيامة ( ومبشرا ) لهم في الدنيا ( ونذيرا ) منذرا مخوفا فيها من عمل سوءا بالنار
9. ( لتؤمنوا بالله ورسوله ) بالياء والتاء فيه وفي الثلاثة بعده ( وتعزروه ) وتنصروه وقرىء بزايين مع الفوقانية ( وتوقروه ) تعظموه وضميرهما لله أو لرسوله ( وتسبحوه ) أي الله ( بكرة وأصيلا ) بالغداة والعشي
10. ( إن الذين يبايعونك ) بيعة الرضوان بالحديبية ( إنما يبايعون الله ) هو نحو من يطع الرسول فقد أطاع الله ( يد الله فوق أيديهم ) التي بايعوا بها النبي أي هو تعالى مطلع على مبايعتهم فيجازيهم عليها ( فمن نكث ) نقض البيعة ( فإنما ينكث ) يرجع وبال نقصه ( على نفسه ومن أوفى بما عاهد عليه الله فسيؤتيه ) بالياء والنون ( أجرا عظيما )
11. ( سيقول لك المخلفون من الأعراب ) حول المدينو أي الذين خلفهم الله عن صحبتك لما طلبتهم ليخرجوا معك إلى مكة خوفا من تعرض قريش لك عام الحديبية إذ رجعت منها ( شغلتنا أموالنا وأهلونا ) عن الخروج معك ( فاستغفر لنا ) الله من ترك الخروج معك قال تعالى مكذبا لهم ( يقولون بألسنتهم ) أي من طلب الاستغفار وما قبله ( ما ليس في قلوبهم ) فهم كاذبون في اعتذارهم ( قل فمن ) استفهام بمعنى النفي أي لا أحد ( يملك لكم من الله شيئا إن أراد بكم ضرا ) بفتح الضاد وضمها ( أو أراد بكم نفعا بل كان الله بما تعملون خبيرا ) أي لم يزل متصفا بدلك
12. ( بل ) في الموضعين للانتقال من غرض إلى آخر ( ظننتم أن لن ينقلب الرسول والمؤمنون إلى أهليهم أبدا وزين ذلك في قلوبكم ) أي انهم يستأصلون بالقتل فلا يرجعون ( وظننتم ظن السوء ) هذا وغيره ( وكنتم قوما بورا ) جمع بائر أي هالكين عند الله بهذا الظن
13. ( ومن لم يؤمن بالله ورسوله فإنا أعتدنا للكافرين سعيرا ) نارا شديدة
14. ( ولله ملك السماوات والأرض يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء وكان الله غفورا رحيما ) أي لم يزل متصفا بما ذكر
15. ( سيقول المخلفون ) المذكورون ( إذا انطلقتم إلى مغانم ) هي مغانم خيبر ( لتأخذوها ذرونا ) اتركونا ( نتبعكم ) لنأخذ منها ( يريدون ) بذلك ( أن يبدلوا كلام الله ) وفي قراءة كلم الله بكسر اللام أي مواعيده بغنائم خيبر أهل الحديبية خاصة (قل لن تتبعونا كذلكم قال الله من قبل ) أي قبل عودنا ( فسيقولون بل تحسدوننا ) أن نصيب معكم من الغنائم فقلتم ذلك (بل كانوا لا يفقهون ) من الدين ( إلا قليلا ) منهم
16. ( قل للمخلفين من الأعراب ) المذكورين اختيارا ( ستدعون إلى قوم أولي ) أصحاب ( بأس شديد ) قيل هم بنو حنيفة أصحاب اليمامة وقيل فارس والروم ( تقاتلونهم ) حال مقدرة هي المدعو إليها في المعنى ( أو ) هم ( يسلمون ) فلا تقاتلون ( فإن تطيعوا ) إلى قتالهم ( يؤتكم الله أجرا حسنا وإن تتولوا كما توليتم من قبل يعذبكم عذابا أليما ) مؤلما
17. ( ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج ) في ترك الجهاد ( ومن يطع الله ورسوله يدخله ) بالياء والنون ( جنات تجري من تحتها الأنهار ومن يتول يعذبه ) بالياء والنون ( عذابا أليما )
18. ( لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك ) بالحديبية ( تحت الشجرة ) هي سمرة وهم ألف وثلثمائة وأكثر ثم بايعهم على أن يناجزوا قريشا وأن لا يفروا من الموت ( فعلم ) الله ( ما في قلوبهم ) من الصدق والوفاء ( فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا قريبا ) هو فتح خيبر بعد انصرافهم من الحديبية
19. ( ومغانم كثيرة يأخذونها ) من خيبر ( وكان الله عزيزا حكيما ) أي لم يزل متصفا بذلك
20. ( وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها ) من الفتوحات ( فعجل لكم هذه ) غنيمة خيبر ( وكف أيدي الناس عنكم ) في عيالكم لما خرجتم وهمت بهم اليهود فقذف الله في قلوبهم الرعب ( ولتكون ) أي المعجلة عطف على مقدر أي لتشكروه ( آية للمؤمنين ) في نصرهم ( ويهديكم صراطا مستقيما ) أي طريق التوكل عليه وتفويض الأمر إليه تعالى
21. ( وأخرى ) صفة مغانم مقدرا مبتدأ ( لم تقدروا عليها ) هي من فارس والروم ( قد أحاط الله بها ) علم أنها ستكون لكم (وكان الله على كل شيء قديرا ) أي لم يزل متصفا به
22. ( ولو قاتلكم الذين كفروا ) بالحديبية ( لولوا الأدبار ثم لا يجدون وليا ) يحرسهم ( ولا نصيرا )
23. ( سنة الله ) مصدر مؤكد لمضمون الجملة قبله من هزيمة الكافرين ونصر المؤمنين أي سن الله ذلك سنة ( التي قد خلت من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا ) منه
24. ( وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة ) بالحديبية ( من بعد أن أظفركم عليهم ) فإن ثمانين منهم طافوا بعسكركم ليصيبوا منكم فأخذوا واتي بهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فعفا عنهم وخلى سبيلهم فكان ذلك سبب الصلح ( وكان الله بما تعملون بصيرا ) بالتاء والياء أي لم يزل متصفا بذلك
25. ( هم الذين كفروا وصدوكم عن المسجد الحرام ) أي عن الوصول إليه ( والهدي ) معطوف على كم ( معكوفا ) محبوسا حال ( أن يبلغ محله ) أي مكانه الذي ينحر فيه عادة وهو الحرم بدل اشتمال ( ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات ) موجودون بمكة مع الكفار ( لم تعلموهم ) بصفة إيمان ( أن تطؤوهم ) أي تقتلوهم مع الكفار لو اذن لكم في الفتح بدل اشتمال من هم (فتصيبكم منهم معرة ) أي إثم ( بغير علم ) منكم به وضمائر الغيبة للصنفين بتغليب الذكور وجواب لو لا محذوف أي لاذن لكم في الفتح لكن لم يؤذن فيه حينئذ ( ليدخل الله في رحمته من يشاء ) كالمؤمنين المذكورين ( لو تزيلوا ) تميزوا عن الكفار (لعذبنا الذين كفروا منهم ) من أهل مكة حينئذ بأن نأذن لكم في فتحها ( عذابا أليما ) مؤلما
26. ( إذ جعل ) متعلق بعذبنا ( الذين كفروا ) فاعل ( في قلوبهم الحمية ) الأنفة من الشيء ( حمية الجاهلية ) بدل من الحمية وهي صدهم النبي وأصحابه عن المسجد الحرام ( فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين ) فصالحوهم على أن يعودوا من قابل ولم يلحقهم من الحمية ما لحق الكفار حتى يقاتلوهم ( وألزمهم ) المؤمنين ( كلمة التقوى ) لا إله إلا الله محمد رسول الله وأضيفت إلى التقوى لأنها سببها ( وكانوا أحق بها ) بالكلمة من الكفار ( وأهلها ) عطف تفسيري ( وكان الله بكل شيء عليما ) أي لم يزل متصفا بذلك ومن معلومه تعالى أنهم أهلها
27. ( لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق ) رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم في النوم عام الحديبية قبل خروجه أنه يدخل مكة هو وأصحابه ويحلقون ويقصرون فأخبر بذلك أصحابه ففرحوا فلما خرجوا معه وصدهم الكفار بالحديبية ورجعوا وشق عليهم ذلك وراب بعض المنافقين نزلت وقوله بالحق متعلق بصدق أو حال من الرؤيا وما بعدها تفسيرها ( لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله ) للتبرك ( آمنين محلقين رؤوسكم ) جميع شعورها ( ومقصرين ) بعض شعورها وهما حالان مقدرتان ( لا تخافون ) أبدا ( فعلم ) في الصلح ( ما لم تعلموا ) من الصلاح ( فجعل من دون ذلك ) الدخول ( فتحا قريبا ) هو بفتح خيبر وتحققت الرؤيا في العام القابل
28. ( هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره ) دين الحق ( على الدين كله ) على جميع باقي الأديان ( وكفى بالله شهيدا ) أنك مرسل بما ذكر كما قال الله تعالى
29. ( محمد ) ميتدأ ( رسول الله ) خبره ( والذين معه ) أصحابه من المؤمنين مبتدأ خبره ( أشداء ) غلاظ ( على الكفار ) لا يرحمونهم ( رحماء بينهم ) خبر ثان أي متعاطفون متوادون كالوالد مع الولد ( تراهم ) تبصرهم ( ركعا سجدا ) حالان ( يبتغون ) مستأنف يطلبون ( فضلا من الله ورضوانا سيماهم ) علاماتهم مبتدأ ( في وجوههم ) خبره وهو نور وبياض يعرفون به بالآخرة أنهم سجدوا في الدنيا ( من أثر السجود ) متعلق بما تعلق به الخبر أي كائنة وأعرب حالا من ضميره المنتقل إلى الخبر ( ذلك) الوصف المذكور ( مثلهم ) صفتهم مبتدأ ( في التوراة ) خبره ( ومثلهم في الإنجيل ) مبتدأ خبره ( كزرع أخرج شطأه ) بسكون الطاء وفتحها فراخه ( فآزره ) بالمد والقصر وأعانه ( فاستغلظ ) غلظ ( فاستوى ) قوي واستقام ( على سوقه ) اصوله جمع ساق ( يعجب الزراع ) أي زراعه لحسنه مثل الصحابة رضي الله عنهم بذلك لأنهم بدأوا في قلة وضعف فكثروا وقووا على أحسن الوجوه ( ليغيظ بهم الكفار ) متعلق بمحذوف دل عليه ما قبله أي شبهوا بذلك ( وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم ) الصحابة ومن لبيان الجنس لا للتبعيض لأنهم كلهم بالصفة المذكورة ( مغفرة وأجرا عظيما ) الجنة وهما لمن بعدهم أيضا في آيات
49. سورة الحجرات
1. ( يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا ) من قدم بمعنى تقدم أي لا تقدموا بقول ولا فعل ( بين يدي الله ورسوله ) المبلغ عنه أي بغير إذن ( واتقوا الله إن الله سميع ) لقولكم ( عليم ) بفعلكم نزلت في مجادلة أبي بكر وعمر رضي الله عنهما عند النبي صلى الله عليه وسلم في تأمير الأقرع بن حابس أو القعقاع بن معبد ونزل فيمن رفع صوته عند النبي صلى الله عليه وسلم
2. ( يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم ) إذا نطقتم ( فوق صوت النبي ) إذا نطق ( ولا تجهروا له بالقول ) إذا ناجيتموه ( كجهر بعضكم لبعض ) بل دون ذلك إجلالا له ( أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون ) أي خشية ذلك بالرفع والجر المذكورين ونزل فيمن كان يخفض صوته عند النبي صلى الله عليه وسلم كأبي بكر وعمر وغيرهما رضي الله عنهم
3. ( إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله أولئك الذين امتحن ) اختبر ( الله قلوبهم للتقوى ) أي لتظهر منهم ( لهم مغفرة وأجر عظيم ) الجنة ونزل في قوم جاؤوا وقت الظهيرة والنبي صلى الله عليه وسلم في منزله فنادوه
4. ( إن الذين ينادونك من وراء الحجرات ) حجرات نسائه صلى الله عليه وسلم جمع حجرة هي ما يحجر عليه من الأرض بحائط ونحوه كان كل واحد منهم نادى خلف حجرة لأنهم لم يعلموه في أي حجرة مناداة الأعراب بغلظة وجفاء ( أكثرهم لا يعقلون ) فيما فعلوه محلك الرفيع وما يناسبه من التعظيم
5. ( ولو أنهم صبروا ) أنهم في محل رفع بالابتداء وقيل فاعل لفعل مقدر أي ثبت ( حتى تخرج إليهم لكان خيرا لهم والله غفور رحيم ) لمن تاب منهم ونزل في الوليد بن عقبة وقد بعثه النبي صلى الله عليه وسلم إلى بني المصطلق مصدقا فخافهم لترة كانت بينه وبينهم في الجاهلية فرجع وقال إنهم منعوا الصدقة وهموا بقتله فهم النبي صلى الله عليه وسلم بغزوهم فجاؤوا منكرين ما قاله عنهم
6. ( يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ ) خبر ( فتبينوا ) صدقه من كذبه وفي قراءة فتثبتوا من الثبات ( أن تصيبوا قوما ) مفعوله أي خشية ذلك ( بجهالة ) حال من الفاعل أي جاهلين ( فتصبحوا ) تصيروا ( على ما فعلتم ) من الخطأ بالقوم (نادمين ) وأرسل صلى الله عليه وسلم إليهم بعد عودهم إلى بلادهم خالدا فلم ير فيهم إلا الطاعة والخير فأخبر النبي بذلك
7. ( واعلموا أن فيكم رسول الله ) فلا تقولوا الباطل فإن الله يخبره بالحال ( لو يطيعكم في كثير من الأمر ) الذي تخبرون به على خلاف الواقع فيرتب على ذلك مقتضاه ( لعنتم ) لأثمتم دونه إثم التسبب إلى المرتب ( ولكن الله حبب إليكم الإيمان وزينه ) حسنه ( في قلوبكم وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان ) استدراك من حيث المعنى دون اللفظ لأن من حبب إليه الإيمان الخ غايرت صفته صفة من تقدم ذكره ( أولئك هم ) فيه التفات عن الخطاب ( الراشدون ) الثابتون على دينهم
8. ( فضلا من الله ) مصدر منصوب بفعله المقدر أي افضل ( ونعمة ) منه ( والله عليم ) بهم ( حكيم ) في إنعامه عليهم
9. ( وإن طائفتان من المؤمنين ) الآية نزلت في قضية هي أن النبي صلى الله عليه وسلم ركب حمارا ومر على ابن ابي فبال الحمار فسد ابن ابي أنفه فقال ابن رواحة والله لبول حماره أطيب ريحا من مسكك فكان بين قوميهما ضرب بالأيدي والنعال والسعف ( اقتتلوا ) جمع نظرا إلى المعنى لأن كل طائفة جماعة وقرىء اقتتلا ( فأصلحوا بينهما ) ثني نظرا إلى اللفظ ( فإن بغت ) تعدت ( إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء ) ترجع ( إلى أمر الله ) الحق ( فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل ) بالانصاف ( وأقسطوا ) إعدلوا ( إن الله يحب المقسطين )
10. ( إنما المؤمنون إخوة ) في الدين ( فأصلحوا بين أخويكم ) إذا تنازعا وقرئ إخوتكم بالفوقانية ( واتقوا الله لعلكم ترحمون )
11. ( يا أيها الذين آمنوا لا يسخر ) الآية نزلت في وفد تميم حين سخروا من فقراء المسلمين كعمار وصهيب والسخرية والازدراء والاحتقار ( قوم ) أي رجال منكم ( من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ) عند الله ( ولا نساء ) منكم ( من نساء عسى أن يكن خيرا منهن ولا تلمزوا أنفسكم ) لا تعيبوا أي لا يعب بعضكم بعضا ( ولا تنابزوا بالألقاب ) لا يدع بعضكم بعضا بلقب يكرهه ومنه يا فاسق ويا كافر ( بئس الاسم ) المذكور من السخرية واللمز والتنابز ( الفسوق بعد الإيمان ) بدل من الاسم لافادته أنه فسق لتكرره عادة ( ومن لم يتب ) من ذلك ( فأولئك هم الظالمون )
12. ( يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم ) أي مؤثم وهو كثير كظن السوء بأهل الخير من المؤمنين وهم كثير بخلافه بالفساق منهم فلا إثم فيه في نحو ما يظهر منهم ( ولا تجسسوا ) حذف منه إحدى التاءين لا تتبعوا عورات المسلمين ومعايبهم بالبحث عنها ( ولا يغتب بعضكم بعضا ) لا يذكره بشيء يكرهه وإن كان فيه ( أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا ) بالتخفيف والتشديد أي لا يحسن به ( فكرهتموه ) أي فاغتيابه في حياته كأكل لحمه بعد مماته وقد عرض عليكم الثاني فكرهتموه فاكرهوا الأول ( واتقوا الله ) عقابه في الاغتياب بأن تتوبوا منه ( إن الله تواب ) قابل توبة التائبين ( رحيم ) بهم
13. ( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى ) آدم وحواء ( وجعلناكم شعوبا ) جمع شعب بفتح الشين هو أعلى طبقات النسب ( وقبائل ) هي دون الشعوب وبعدها العمائر ثم البطون ثم الأفخاذ ثم الفصائل آخرها مثاله خزيمة شعب كنانة قبيلة قريش عِمارة بكسر العين قصي بطن هاشم فخذ العباس فصيلة ( لتعارفوا ) حذف منه إحدى التاءين ليعرف بعضهم بعضا لا تتفاخروا بعلو النسب وإنما الفخر بالتقوى ( إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم ) بكم ( خبير ) ببواطنكم
14. ( قالت الأعراب ) نفر من بني أسد ( آمنا ) صدقنا بقلوبنا ( قل ) لهم ( لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ) انقدنا ظاهرا (ولما ) لم ( يدخل الإيمان في قلوبكم ) إلى الآن لكنه يتوقع منكم ( وإن تطيعوا الله ورسوله ) بالإيمان وغيره ( لا يلتكم ) بالهمزة وتركه بابداله ألفا لا ينقصكم ( من أعمالكم ) من ثوابها ( شيئا إن الله غفور ) للمؤمنين ( رحيم ) بهم
15. ( إنما المؤمنون ) الصادقون في إيمانهم كما صرح به بعد ( الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا ) لم يشكوا في الإيمان ( وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله ) فجهادهم يظهر بصدق إيمانهم ( أولئك هم الصادقون ) في إيمانهم لا من قالوا آمنا ولم يوجد منهم غير الإسلام
16. ( قل ) لهم ( أتعلمون الله بدينكم ) مضعف علم بمعنى شعر أي اتشعرونه بما أنتم عليه في قولكم آمنا ( والله يعلم ما في السماوات وما في الأرض والله بكل شيء عليم )
17. ( يمنون عليك أن أسلموا ) من غير قتال بخلاف غيرهم ممن أسلم بعد قتاله منهم ( قل لا تمنوا علي إسلامكم ) منصوب بنزع الخافض الباء ويقدر قبل أن في الموضعين ( بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان إن كنتم صادقين ) في قولكم آمنا
18. ( إن الله يعلم غيب السماوات والأرض ) ما غاب فيهما ( والله بصير بما تعملون ) بالتاء والياء لا يخفى عليه شيء منه
50. سورة ق
1. ( ق ) الله أعلم بمراده به ( والقرآن المجيد ) الكريم ما آمن كفار مكة بمحمد صلى الله عليه وسلم
2. ( بل عجبوا أن جاءهم منذر منهم ) رسول من أنفسهم يخوفهم بالنار بعد البعث ( فقال الكافرون هذا ) الانذار ( شيء عجيب )
3. ( أئذا ) بتحقيق الهمزتين وتسهيل الثانية وإدخال ألف بينهما على الوجهين ( متنا وكنا ترابا ) نرجع ( ذلك رجع بعيد ) غاية البعد
4. ( قد علمنا ما تنقص الأرض ) تأكل منهم ( منهم وعندنا كتاب حفيظ ) هو اللوح المحفوظ فيه جميع الاشياء المقدرة
5. ( بل كذبوا بالحق ) بالقرآن ( لما جاءهم فهم ) في شأن النبي صلى الله عليه وسلم والقرآن ( في أمر مريج ) مضطرب قالوا مرة ساحر وسحر ومرة شاعر وشعر ومرة كاهن وكهانة
6. ( أفلم ينظروا ) بعيونهم معتبرين بعقولهم حين أنكروا البعث ( إلى السماء ) كائنة ( فوقهم كيف بنيناها ) بلا عمد ( وزيناها ) بالكواكب ( وما لها من فروج ) شقوق تعيبها
7. ( والأرض ) معطوف على موضع إلى السماء كيف ( مددناها ) دحوناها على وجه الماء ( وألقينا فيها رواسي ) جبالا تثبتها (وأنبتنا فيها من كل زوج ) صنف ( بهيج ) يبهج به لحسنه
8. ( تبصرة ) مفعول له أي فعلنا ذلك تبصيرا منا ( وذكرى ) تذكيرا ( لكل عبد منيب ) رجاع إلى طاعتنا
9. ( ونزلنا من السماء ماء مباركا ) كثير البركة ( فأنبتنا به جنات ) بساتين ( وحب ) الزرع ( الحصيد ) المحصود
10. ( والنخل باسقات ) طوالا حال مقدرة ( لها طلع نضيد ) متراكب بعضه فوق بعض
11. ( رزقا للعباد ) مفعول له ( وأحيينا به بلدة ميتا ) يستوي فيه المذكر والمؤنث ( كذلك ) مثل هذا الاحياء ( الخروج ) من القبور فكيف تنكرونه والاستفهام للتقرير والمعنى أنهم نظروا وعلموا ماذكر
12. ( كذبت قبلهم قوم نوح ) تأنيث الفعل لمعنى قوم ( وأصحاب الرس ) هي بئر كانوا مقيمين عليها بمواشيهم يعبدون الأصنام ونبيهم قيل حنظلة بن صفوان وقيل غيره ( وثمود ) قوم صالح
13. ( وعاد ) قوم هود ( وفرعون وإخوان لوط )
14. ( وأصحاب الأيكة ) الغيضة قوم شعيب ( وقوم تبع ) هو ملك كان باليمن أسلم ودعا قومه إلى الإسلام فكذبوه ( كل ) من المذكورين ( كذب الرسل ) كقريش ( فحق وعيد ) وجب نزول العذاب على الجميع فلا يضيق صدرك من كفر قريش بك
15. ( أفعيينا بالخلق الأول ) أي لم نعي به فلا نعيا بالإعادة ( بل هم في لبس ) شك ( من خلق جديد ) وهو البعث
16. ( ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ) حال بتقدير نحن ( ما ) مصدرية ( توسوس ) تحدث ( به ) الباء زائدة أو للتعدية والضمير للإنسان ( نفسه ونحن أقرب إليه ) بالعلم ( من حبل الوريد ) الإضافة للبيان والوريدان عرقان بصفحتي العنق
17. ( إذ ) منصوبة باذكر مقدرا ( يتلقى ) يأخذ ويثبت ( المتلقيان ) الملكان الموكلان بالإنسان ما يعمله ( عن اليمين وعن الشمال ) منه ( قعيد ) قاعدان وهو مبتدا خبره ما قبله
18. ( ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب ) حافظ ( عتيد ) حاضرر وكل منهما بمعنى المثنى
19. ( وجاءت سكرة الموت ) غمرته وشدته ( بالحق ) من أمر الآخرة حتى يراها المنكر لها عيانا وهو نفس الشدة ( ذلك ) الموت ( ما كنت منه تحيد ) تهرب وتفزع
20. ( ونفخ في الصور ) للبعث ( ذلك ) يوم النفخ ( يوم الوعيد ) للكفار بالعذاب
21. ( وجاءت ) فيه ( كل نفس ) إلى المحشر ( معها سائق ) ملك يسوقها إليه ( وشهيد ) يشهد عليها بعملها وهو الأيدي والأرجل وغيرها ويقال للكافر
22. ( لقد كنت ) في الدنيا ( في غفلة من هذا ) النازل بك اليوم ( فكشفنا عنك غطاءك ) أزلنا غفلتك بما تشاهده اليوم ( فبصرك اليوم حديد ) حاد تدرك به ما أنكرته في الدنيا
23. ( وقال قرينه ) الملك الموكل به ( هذا ما ) الذي ( لدي عتيد ) حاضر فيقال لمالك
24. ( ألقيا في جهنم ) ألق ألق أو ألقين وبه قرأ الحسن فابدلت النون ألأفا ( كل كفار عنيد ) معاند للحق
25. ( مناع للخير ) كالزكاة ( معتد ) ظالم ( مريب ) شاك في دينه
26. ( الذي جعل مع الله إلها آخر ) مبتدأ ضمن معنى الشرط خبره ( فألقياه في العذاب الشديد ) تفسيره مثل ما تقدم
27. ( قال قرينه ) الشيطان ( ربنا ما أطغيته ) أضللته ( ولكن كان في ضلال بعيد ) فدعوته فاستجاب لي وقال هو أطغاني بدعائه له
28. ( قال ) تعالى ( لا تختصموا لدي ) أي ما ينفع الخصام هنا ( وقد قدمت إليكم ) في الدنيا ( بالوعيد ) بالعذاب في الآخرة لو لم تؤمنوا ولا بد منه
29. ( ما يبدل ) يغير ( القول لدي ) في ذلك ( وما أنا بظلام للعبيد ) فأعذبهم بغير جرم وظلام بمعنى ذي ظلم لقوله لا ظلم اليوم
30. ( يوم ) ناصبه ظلام ( نقول ) بالنون والياء ( لجهنم هل امتلأت ) استفهام تحقيق لوعده بملئها ( وتقول ) بصورة الاستفهام كالسؤال ( هل من مزيد ) أي لا أسع غير ما امتلأت به أي قد امتلأت
31. ( وأزلفت الجنة ) قربت ( للمتقين ) مكانا ( غير بعيد ) منهم فيرونها ويقال لهم
32. ( هذا ) المرئي ( ما توعدون ) بالتاء والياء في الدنيا ويبدل من للمتقين قوله ( لكل أواب ) رجاع إلى طاعة الله ( حفيظ ) حافظ لحدوده
33. ( من خشي الرحمن بالغيب ) خافه ولم يره ( وجاء بقلب منيب ) مقبل على طاعته ويقال للمتقين أيضا
34. ( ادخلوها بسلام ) سالمين من كل خوف أو مع سلام أي سلموا وادخلوا ( ذلك ) اليوم الذي حصل فيه الدخول ( يوم الخلود ) الدخول في الجنة
35. ( لهم ما يشاؤون فيها ولدينا مزيد ) زيادة على ما عملوا وطلبوا
36. ( وكم أهلكنا قبلهم من قرن ) أهلكنا قبل كفار قريش قرونا كثيرة من الكفار ( هم أشد منهم بطشا ) قوة ( فنقبوا ) فتشوا ( في البلاد هل من محيص ) لهم أو لغيرهم من الموت فلم يجدوا
37. ( إن في ذلك ) المذكور ( لذكرى ) لعظة ( لمن كان له قلب ) عقل ( أو ألقى السمع ) استمع الوعظ ( وهو شهيد ) حاضر بالقلب
38. ( ولقد خلقنا السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام ) أولها الأحد وآخرها الجمعة ( وما مسنا من لغوب ) تعب نزل ردا على اليهود في قولهم إن الله استراح يوم السبت وانتفاء التعب عنه بتنزهه تعالى عن صفات المخلوقين ولعدم المماسة بينه وبين غيره إتما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون
39. ( فاصبر ) خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم ( على ما يقولون ) أي اليهود وغيرهم من التشبيه والتكذيب ( وسبح بحمد ربك ) صل حامدا ( قبل طلوع الشمس ) أي صلاة الصبح ( وقبل الغروب ) أي صلاة الظهر والعصر
40. ( ومن الليل فسبحه ) أي صل العشائين ( وأدبار السجود ) بفتح الهمزة جمع دبر وكسرها مصدر أدبر أي صل النوافل المسنونة عقب الفرائض وقيل المراد حقيقة التسبيح في هذه الأوقات ملابسا للحمد
41. ( واستمع ) يا مخاطب مقولي ( يوم يناد المناد ) هو إسرافيل ( من مكان قريب ) من السماء وهو صخرة بيت المقدس أقرب موضع من الأرض إلى السماء يقول أيتها العظام البالية والأوصال المتمزقة والشعور المتفرقة إن الله يأمركن أن تجتمعن لفصل القضاء
42. ( يوم ) بدل من يوم قبله ( يسمعون ) أي الخلق كلهم ( الصيحة بالحق ) بالبعث وهي النفخة الثانية من إسرافيل ويحتمل أن تكون قبل ندائه وبعده ( ذلك ) أي يوم النداء والسماع ( يوم الخروج ) من القبور وناصب يوم ينادي مقدرا أي يعلمون عاقبة تكذيبهم
43. ( إنا نحن نحيي ونميت وإلينا المصير )
44. ( يوم ) بدل من يوم قبله وما بينهما اعتراض ( تشقق ) بتخفيف الشين وتشديدها بإدغام التاء الثانية في الأصل فيها ( الأرض عنهم سراعا ) جمع سريع حال من مقدر أي فيخرجون مسرعين ( ذلك حشر علينا يسير ) فيه فصل بين الموصوف والصفة بمتعلقها للاختصاص وهولا يضر ذلك اشارة إلى معنى الحشر المخبر به عنه وهو الاحياء بعد الفناء والجمع للعرض والحساب
45. ( نحن أعلم بما يقولون ) أي كفار قريش ( وما أنت عليهم بجبار ) تجبرهم على الإيمان وهذا قبل
51. سورة الذاريات
1. ( والذاريات ) الرياح تذرو التراب وغيره ( ذروا ) مصدر ويقال تذريه ذريا تهب فيه
2. ( فالحاملات ) السحب تحمل الماء ( وقرا ) ثقلا مفعول الحاملات
3. ( فالجاريات ) السفن تجري على وجه الماء ( يسرا ) بسهولة مصدر في موضع الحال أي ميسرة
4. ( فالمقسمات أمرا ) الملائكة تقسم الارزاق والامطار وغيرها بين البلاد والعباد
5. ( إنما توعدون ) ما مصدرية أي وعدهم بالبعث وغيره ( لصادق ) لوعد صادق
6. ( وإن الدين ) الجزاء بعد الحساب ( لواقع ) لا محالة
7. ( والسماء ذات الحبك ) جمع حبيكة كطريقة وطرق أي صاحبة الطرق في الخلقة كالطريق في الرمل
8. ( إنكم ) يا أهل مكة في شأن النبي صلى الله عليه وسلم والقرآن ( لفي قول مختلف ) قيل شاعر ساحر كاهن شعر سحر كهانة
9. ( يؤفك ) يصرف ( عنه ) عن النبي صلى الله عليه وسلم والقرآن أي عن الإيمان به ( من أفك ) صرف عن الهداية في علم الله تعالى
10. ( قتل الخراصون ) لعن الكاذبون أصحاب القول المختلف
11. ( الذين هم في غمرة ) جهل يغمرهم ( ساهون ) غافلون عن أمر الآخرة
12. ( يسألون ) النبي استفهام استهزاء ( أيان يوم الدين ) أي متى مجيئه وجوابهم يجيء
13. ( يوم هم على النار يفتنون ) أي يعذبون فيها ويقال لهم حين التعذيب
14. ( ذوقوا فتنتكم ) تعذيبكم ( هذا ) التعذيب ( الذي كنتم به تستعجلون ) في الدنيا استهزاء
15. ( إن المتقين في جنات ) بساتين ( وعيون ) تجري فيها
16. ( آخذين ) حال من الضمير في خبر إن ( ما آتاهم ) أعطاهم ( ربهم ) من الثواب ( إنهم كانوا قبل ذلك ) أي دخولهم الجنة ( محسنين ) في الدنيا
17. ( كانوا قليلا من الليل ما يهجعون ) ينامون وما زائدة ويهجعون خبر كان وقليلا ظرف أي ينامون في زمن يسير من الليل ويصلون أكثره
18. ( وبالأسحار هم يستغفرون ) يقولون اللهم اغفر لنا
19. ( وفي أموالهم حق للسائل والمحروم ) الذي لا يسأل لتعففه
20. ( وفي الأرض ) من الجبال والأرض والبحار والاشجار والنبات وغيرها ( آيات ) دلالات على قدرة االله سبحانه وتعالى ووحدانيته ( للموقنين )
21. ( وفي أنفسكم ) آيات أيضا من مبدأ خلقكم إلى منتهاه وما في تركيب خلقكم من العجائب ( أفلا تبصرون ) ذلك فتستدلوا به على صانعه وقدرته
22. ( وفي السماء رزقكم ) المطر المسبب عنه النبات الذي هو رزق ( وما توعدون ) من المآب والثواب والعقاب أي مكتوب ذلك في السماء
23. ( فورب السماء والأرض إنه ) ما توعدون ( لحق مثل ما أنكم تنطقون ) برفع مثل صفة وما مزيدة وبفتح اللام مركبة مع ما المعنى مثل نطقكم في حقيقته أي معلوميته عندكم ضرورة صدوره عنكم
24. ( هل أتاك ) خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم ( حديث ضيف إبراهيم المكرمين ) وهي ملائكة إثنا عشر أو عشرة أو ثلاثة منهم جبريل
25. ( إذ ) ظرف لحديث ضيف ( دخلوا عليه فقالوا سلاما ) أي هذا اللفظ ( قال سلام ) أي هذا اللفظ ( قوم منكرون ) لا نعرفهم قال ذلك في نفسه وهو خبر مبتدأ مقدر أي هؤلاء
26. ( فراغ ) مال ( إلى أهله ) سرا ( فجاء بعجل سمين ) وفي سورة هود بعجل حنيذ أي مشوي
27. ( فقربه إليهم قال ألا تأكلون ) عرض عليهم الأكل فلم يجيبوا
28. ( فأوجس ) أضمر في نفسه ( منهم خيفة قالوا لا تخف ) إنا رسل ربك ( وبشروه بغلام عليم ) ذي علم كثير وهو إسحاق كما ذكر في هود
29. ( فأقبلت امرأته ) سارة ( في صرة ) صيحة حال أي جاءت صائحة ( فصكت وجهها ) لطمته ( وقالت عجوز عقيم ) لم تلد قط وعمرها تسع وتسعون سنة وعمر إبراهيم مائة سنة أو عمره مائة وعشرون سنة وعمرها تسع وتسعون سنة
30. ( قالوا كذلك ) مثل قولنا في البشارة ( قال ربك إنه هو الحكيم ) في صنعه ( العليم ) بخلقه