تفسير الجلالين للقران الكريم أجزاء.. 21



تفسير الجلالين  للقران الكريم أجزاء.. 21


الجزء الحادي والعشرون

46. ( ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي ) أي المجادلة التي ( هي أحسن ) كالدعاء إلى الله بآياته والتنبيه على حججه ( إلا الذين ظلموا منهم ) بأن حاربوا وأبوا أن يقروا بالجزية فجادلوهم بالسيف حتى يسلموا أو يعطوا الجزية ( وقولوا ) لمن قبل الاقرار بالجزية إذا أخبروكم بشيء مما في كتبهم ( آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم ) ولا تصدقوهم ولا تكذبوهم في ذلك ( وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون ) مطيعون
47. ( وكذلك أنزلنا إليك الكتاب ) القرآن كما أنزلنا إليهم التوراة وغيرها ( فالذين آتيناهم الكتاب ) التوراة كعبد الله ابن سلام وغيره ( يؤمنون به ) بالقرآن ( ومن هؤلاء ) أهل مكة ( من يؤمن به وما يجحد بآياتنا ) بعد ظهورها ( إلا الكافرون ) اليهود وظهر لهم أن القرآن حق والجائي محق وجحدوا ذلك
48. ( وما كنت تتلوا من قبله ) القرآن ( من كتاب ولا تخطه بيمينك إذا ) أي لو كنت قارئا كاتبا ( لارتاب ) شك ( المبطلون) اليهود فيك وقالوا الذي في التوراة إنه امي لا يقرأ ولا يكتب
49. ( بل هو ) أي القرآن الذي جئت به ( آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم ) أي المؤمنون يحفظونه ( وما يجحد بآياتنا إلا الظالمون ) أي اليهود وجحدوها بعد ظهورها لهم
50. ( وقالوا ) أي كفار مكة ( لولا ) هلا ( أنزل عليه ) أي محمد ( آيات من ربه ) وفي قراءة آية كناقة صالح وعصا موسى ومائدة عيسى ( قل ) لهم ( إنما الآيات عند الله ) ينزلها كيف يشاء ( وإنما أنا نذير مبين ) مظهر إنذاري بالنار أهل المعصية
51. ( أولم يكفهم أنا ) فيما طلبوا ( أنزلنا عليك الكتاب يتلى ) القرآن ( عليهم إن ) فهو آية مستمرة لا انقضاء لها بخلاف ما ذكر من الآيات ( في ذلك لرحمة ) الكتاب ( وذكرى لقوم ) عظة ( يؤمنون قل )
52. ( قل كفى بالله بيني وبينكم شهيدا ) بصدقي ( يعلم ما في السماوات والأرض ) ومنه حالي وحالكم ( والذين آمنوا بالباطل ) وهو ما يعبد من دون الله ( وكفروا بالله ) منكم ( أولئك هم الخاسرون ) في صفقتهم حيث اشتروا الكفر بالإيمان
53. ( ويستعجلونك بالعذاب ولولا أجل مسمى ) له ( لجاءهم العذاب ) عاجلا ( وليأتينهم بغتة وهم لا يشعرون ) بوقت إتيانه
54. ( يستعجلونك بالعذاب ) في الدنيا ( وإن جهنم لمحيطة بالكافرين )
55. ( يوم يغشاهم العذاب من فوقهم ومن تحت أرجلهم ويقول ) فيه بالنون نأمر بالقول وبالياء يقول الموكل بالعذاب ( ذوقوا ما كنتم تعملون ) أي جزاءه فلا تفوتونا
56. ( يا عبادي الذين آمنوا إن أرضي واسعة فإياي فاعبدون ) في أرض تيسرت فيها العبادة بأن تهاجروا إليها من أرض لم تتيسر فيها ونزل في ضعفاء مسلمي مكة كانوا في ضيق من إظهار الإسلام بها
57. ( كل نفس ذائقة الموت ثم إلينا ترجعون ) بالتاء والياء بعد البعث
58. ( والذين آمنوا وعملوا الصالحات لنبوئنهم ) ننزلهم وفي قراءة بالمثلثة بعد النون من الثواء الإقامة وتعديته إلى غرف بحذف من ( من الجنة غرفا تجري من تحتها الأنهار خالدين ) مقدرين الخلود ( فيها نعم أجر العاملين ) هذا الأجر
59. هم ( الذين صبروا ) على أذى المشركين والهجرة لإظهار الدين ( وعلى ربهم يتوكلون ) فيرزقهم من حيث لا يحتسبون
60. ( وكأين ) كم ( من دابة لا تحمل رزقها ) لضعفها ( الله يرزقها وإياكم ) أيها المهاجرون وإن لم يكن معكم زاد ولا نفقة (وهو السميع ) لأقوالكم ( العليم ) بضمائركم
61. ( ولئن ) لام قسم ( سألتهم ) أي الكفار ( من خلق السماوات والأرض وسخر الشمس والقمر ليقولن الله فأنى يؤفكون ) يصرفون عن توحيده بعد إقرارهم بذلك
62. ( الله يبسط الرزق ) يوسعه ( لمن يشاء من عباده ) امتحانا ( ويقدر ) يضيق ( له ) بعد البسط لمن يشاء ابتلاءه ( إن الله بكل شيء عليم ) ومنه محل البسط والضيق
63. ( ولئن ) لام قسم ( سألتهم من نزل من السماء ماء فأحيا به الأرض من بعد موتها ليقولن الله ) فكيف يشركون به ( قل ) لهم ( الحمد لله ) على ثبوت الحجة عليكم ( بل أكثرهم لا يعقلون ) تناقضهم في ذلك
64. ( وما هذه الحياة الدنيا إلا لهو ولعب ) وأما القرب فمن أمور الآخرة لظهور ثمرتها فيها ( وإن الدار الآخرة لهي الحيوان ) بمعنى الحياة ( لو كانوا يعلمون ) ذلك ما آثروا الدنيا عليها
65. ( فإذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين ) الدعاء أي لا يدعون معه غيره لأنهم في شدة لا يكشفها إلا هو ( فلما نجاهم إلى البر إذا هم يشركون ) به
66. ( ليكفروا بما آتيناهم ) من النعمة ( وليتمتعوا ) باجتماعهم على عبادة الأصنام وفي قراءة بسكون اللام أمر تهديد ( فسوف يعلمون ) عاقبة ذلك
67. ( أولم يروا أنا ) يعلموا ( جعلنا حرما ) بلدهم مكة ( آمنا ويتخطف الناس من حولهم أفبالباطل ) قتلا وسببا دونهم ( يؤمنون) الصنم ( وبنعمة الله يكفرون ومن ) بإشراكهم
68. ( ومن ) لا أحد ( أظلم ممن افترى على الله كذبا ) بأن أشرك به ( أو كذب بالحق ) النبي أو الكتاب ( لما جاءه أليس في جهنم مثوى ) مأوى ( للكافرين ) أي فيها وهم منهم
69. ( والذين جاهدوا فينا ) في حقنا ( لنهدينهم سبلنا ) طريق السير إلينا ( وإن الله لمع المحسنين ) المؤمنين بالنصر والعون

30. سورة الروم
1. ( الم ) الله أعلم بمراده في ذلك
2. ( غلبت الروم ) وهم أهل الكتاب غلبتها فارس وليسوا أهل كتاب بل يعبدون الأوثان ففرح كفار مكة بذلك وقالوا للمسلمين نحن نغلبكم كما غلبت فارس الروم
3. ( في أدنى الأرض ) أقرب أرض الروم إلى فارس بالجزيرة التقى فيها الجيشان والبادي بالغزو الفرس ( وهم ) الروم ( من بعد غلبهم ) أضيف المصدر إلى المفعول أي غلبة فارس إياهم ( سيغلبون ) فارس
4. ( في بضع سنين ) هو ما بين الثلاث إلى التسع أو العشر فالتقى الجيشان في السنة السابعة من الالتقاء الأول وغلبت الروم فارس ( لله الأمر من قبل ومن بعد ) من قبل غلب الروم ومن بعده المعنى أن غلبة فارس أولا وغلبة الروم ثانيا بأمر الله أي إرادته ( ويومئذ ) يوم تغلب الروم ( يفرح المؤمنون )
5. ( بنصر الله ) إياهم على فارس وقد فرحوا بذلك وعلموا به يوم وقوعه يوم بدر بنزول جبريل بذلك فيه مع فرحهم بنصرهم على المشركين فيه ( ينصر من يشاء وهو العزيز ) الغالب ( الرحيم ) بالمؤمنين
6. ( وعد الله ) مصدر بدل من اللفظ بفعله والأصل وعدهم الله النصر ( لا يخلف الله وعده ) به ( ولكن أكثر الناس) كفار مكة ( لا يعلمون ) وعده تعالى بنصرهم
7. ( يعلمون ظاهراً من الحياة الدنيا ) معايشها من التجارة والزراعة والبناء والغرس وغير ذلك ( وهم عن الآخرة هم غافلون ) إعادة هم تأكيد
8. ( أولم يتفكروا في أنفسهم ما ) ليرجعوا عن غفلتهم ( خلق الله السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق وأجل مسمى وإن ) تفنى عند انتهائه وبعده البعث ( كثيرا من الناس بلقاء ) كفار مكة ( ربهم لكافرون أولم ) لا يؤمنون بالبعث بعد الموت
9. ( أولم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم كانوا ) من الأمم وهي إهلاكهم بتكذيبهم رسلهم ( أشد منهم قوة وأثاروا ) كعاد وثمود ( الأرض وعمروها ) حرثوها وقلبوها للزرع والغرس ( أكثر مما عمروها وجاءتهم ) أي كفار مكة ( رسلهم بالبينات فما ) بالحجج الظاهرات ( كان الله ليظلمهم ولكن ) بإهلاكهم بغير جرم ( كانوا أنفسهم يظلمون ثم ) بتكذيبهم رسلهم
10. ( ثم كان عاقبة الذين أساؤوا السوأى ) تأنيث الأسوأ الأقبح خبر كان على رفع عاقبة واسم كان على نصب عاقبة والمراد بها جهنم وإساءتهم ( أن ) أي بأن ( كذبوا بآيات الله ) القرآن ( وكانوا بها يستهزئون )
11. ( الله يبدأ الخلق ) أي ينشئ خلق الناس ( ثم يعيده ) خلقهم بعد موتهم ( ثم إليه ترجعون ) بالياء والتاء
12. ( ويوم تقوم الساعة يبلس المجرمون ) يسكت المشركون لانقطاع حجتهم
13. ( ولم يكن ) لا يكون ( لهم من شركائهم ) ممن أشركوهم بالله وهم الأصنام ليشفعوا لهم ( شفعاء وكانوا ) أي يكونون ( بشركائهم كافرين ) أي متبرئين منهم
14. ( ويوم تقوم الساعة يومئذ ) تأكيد ( يتفرقون ) المؤمنون والكافرون
15. ( فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فهم في روضة ) جنة ( يحبرون ) يسرون
16. ( وأما الذين كفروا وكذبوا بآياتنا ) القرآن ( ولقاء الآخرة ) البعث وغيره ( فأولئك في العذاب محضرون )
17. ( فسبحان الله ) أي سبحوا الله بمعنى صلوا ( حين تمسون ) تدخلون في المساء وفيه صلاتان المغرب والعشاء ( وحين تصبحون ) تدخلون الظهيرة في الصباح وفيه صلاة الصبح
18. ( وله الحمد في السماوات والأرض ) اعتراض ومعناه يحمده أهلهما ( وعشيا ) عطف على حين وفيه صلاة العصر ( وحين تظهرون ) تدخلون في الظهيرة وفيه صلاة الظهر
19. ( يخرج الحي من الميت ) كالإنسان من النطفة والطائر من البيضة ( ويخرج الميت ) النطفة والبيضة ( من الحي ويحيي الأرض ) بالنبات ( بعد موتها ) يبسها ( وكذلك ) الإخراج ( تخرجون ) من القبور بالبناء للفاعل والمفعول
20. ( ومن آياته ) تعالى الدالة على قدرته ( أن خلقكم من تراب ) أي أصلكم آدم ( ثم إذا أنتم بشر ) من دم ولحم (تنتشرون ) في الأرض
21. ( ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا ) بخلق حواء من ضلع آدم وسائر النساء من نطف الرجال والنساء (لتسكنوا إليها ) وتألفوها ( وجعل بينكم ) جميعا ( مودة ورحمة إن في ذلك ) المذكور ( لآيات لقوم يتفكرون ) في صنع الله تعالى
22. ( ومن آياته خلق السماوات والأرض واختلاف ألسنتكم ) لغاتكم من عربية وعجمية وغيرها ( وألوانكم ) من بياض وسواد وغيرهما وأنتم أولاد رجل واحد وامرأة واحدة ( إن في ذلك لآيات ) دلالات على قدرته تعالى ( للعالمين ) بفتح اللام وكسرها أي ذوي العقول واولي العلم
23. ( ومن آياته منامكم بالليل والنهار ) بإرادته راحة لكم ( وابتغاؤكم ) بالنهار ( من فضله ) أي تصرفكم في طلب المعيشة بإرادته ( إن في ذلك لآيات لقوم يسمعون ) سماع تدبر واعتبار
24. ( ومن آياته يريكم ) أي إراءتكم ( البرق خوفا ) للمسافر من الصواعق ( وطمعا ) للمقيم في المطر ( وينزل من السماء ماء فيحيي به الأرض بعد موتها ) أي يبسها بأن تنبت ( إن في ذلك ) المذكور ( لآيات لقوم يعقلون ) يتدبرون
25. ( ومن آياته أن تقوم السماء والأرض بأمره ) بإرادته من غير عمد ( ثم إذا دعاكم دعوة من الأرض ) بأن ينفخ إسرافيل في الصور للبعث من القبور ( إذا أنتم تخرجون ) منها أحياء فخروجكم منها بدعوة من آياته تعالى
26. ( وله من في السماوات والأرض ) ملكا وخلقا وعبيدا ( كل له قانتون ) مطيعون
27. ( وهو الذي يبدأ الخلق ) للناس ( ثم يعيده ) بعد هلاكهم ( وهو أهون عليه ) من البدء بالنظر إلى ما عند المخاطبين من أن إعادة الشيء أسهل من ابتدائه وإلا فهما عند الله تعالى سواء في السهولة ( وله المثل الأعلى في السماوات والأرض ) أي الصفة العليا وهي أنه لا إله إلا الله ( وهو العزيز ) في ملكه ( الحكيم ) في خلقه
28. ( ضرب ) جعل ( لكم ) أيها المشركون ( مثلا ) كائنا ( من أنفسكم ) وهو ( هل لكم من ما ملكت ) أي من مماليككم (أيمانكم من ) لكم ( شركاء في ) من الأموال وغيرها ( ما ) وهم ( رزقناكم فأنتم فيه سواء تخافونهم ) أمثالكم من الأحرار والاستفهام بمعنى النفي المعنى ليس مماليككم شركاء لكم إلى آخره عندكم فكيف تجعلون بعض مماليك الله شركاء له ( كخيفتكم أنفسكم كذلك ) نبينها مثل ذلك التفصيل ( نفصل الآيات ) يتدبرون
29. ( بل اتبع الذين ظلموا ) بالاشراك ( أهواءهم بغير علم فمن يهدي من أضل الله ) أي لا هادي له ( وما لهم من ناصرين) مانعين من عذاب الله
30. ( فأقم ) يا محمد ( وجهك للدين حنيفا ) مائلا إليه أي أخلص دينك لله أنت ومن تبعك ( فطرة الله ) خلقته ( التي فطر الناس عليها ) وهي دينه أي ألزموها ( لا تبديل لخلق الله ) لدينه أي لا تبدلوه بأن تشركوا ( ذلك الدين القيم ) المستقيم توحيد الله ( ولكن أكثر الناس ) كفار مكة ( لا يعلمون ) توحيد الله
31. ( منيبين ) راجعون ( إليه ) تعالى فيما أمر به ونهى عنه حال من فاعل أقم وما أريد به أي اقيموا ( واتقوه ) خافوه (وأقيموا الصلاة ولا تكونوا من المشركين )
32. ( من الذين ) بدل بإعادة الجار ( فرقوا دينهم ) باختلافهم فيما يعبدونه ( وكانوا شيعا ) فرقا في ذلك ( كل حزب ) منهم ( بما لديهم ) عندهم ( فرحون ) مسرورون وفي قراءة فارقوا أي تركوا دينهم الذي أمروا به
33. ( وإذا مس الناس ) كفار مكة وغيرهم ( ضر ) شدة ( دعوا ربهم منيبين ) راجعين ( إليه ) دون غيره ( ثم إذا أذاقهم منه رحمة ) بالمطر ( إذا فريق منهم بربهم يشركون )
34. ( ليكفروا بما آتيناهم ) اريد به التهديد ( فتمتعوا فسوف تعلمون ) عاقبة تمتعكم فيه التفات عن الغيبة
35. ( أم ) بمعنى همزة الانكار ( أنزلنا عليهم سلطانا ) حجة وكتابا ( فهو يتكلم ) تكلم دلالة ( بما كانوا به يشركون ) أي يأمرهم بالاشراك لا
36. ( وإذا أذقنا الناس ) كفار مكة وغيرهم ( رحمة ) نعمة ( فرحوا بها ) فرح بطر ( وإن تصبهم سيئة ) شدة ( بما قدمت أيديهم إذا هم يقنطون ) ييأسون من الرحمة ومن شأن المؤمن أن يشكر عند النعمة ويرجو ربه عند الشدة
37. ( أولم يروا أن ) يعلموا ( الله يبسط الرزق لمن ) يوسعه ( يشاء ويقدر ) امتحانا ( إن ) يضيقه لمن يشاء ابتلاءه ( في ذلك لآيات لقوم يؤمنون فآت )
38. ( فآت ذا القربى ) القرابة ( حقه ) من البر والصلة ( والمسكين وابن السبيل ) المسافر من الصدقة وامة النبي تبع له في ذلك ( ذلك خير للذين يريدون وجه الله ) ثوابه بما يعلمون ( وأولئك هم المفلحون ) الفائزون
39. ( وما آتيتم من ربا ) بأن يعطي شيئا هبة أو هدية ليطلب أكثر منه فسمي باسم المطلوب من الزيادة في المعاملة (ليربوا في أموال الناس ) المعطين أي يزيد ( فلا يربوا ) يزكو ( عند الله ) لا ثواب فيه للمعطين ( وما آتيتم من زكاة ) صدقة (تريدون ) بها ( وجه الله فأولئك هم المضعفون ) ثوابهم بما أرادوه فيه التفات عن الخطاب
40. ( الله الذي خلقكم ثم رزقكم ثم يميتكم ثم يحييكم هل من شركائكم ) ممن أشركتم بالله ( من يفعل من ذلكم من شيء ) لا ( سبحانه وتعالى عما يشركون ) به
41. ( ظهر الفساد في البر ) القفار بقحط تامطر وقلة النبات ( والبحر ) البلاد التي على الأنهار بقلة مائها ( بما كسبت أيدي الناس ) من المعاصي ( ليذيقهم ) بالياء والنون ( بعض الذي عملوا ) عقوبته ( لعلهم يرجعون ) يتوبون
42. ( قل ) لكفار مكة ( سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة الذين من قبل كان أكثرهم مشركين ) فاهلكوا بإشراكهم ومساكنهم ومنازلهم خاوية
43. ( فأقم وجهك للدين القيم ) دين الإسلام ( من قبل أن يأتي يوم لا مرد له من الله ) هو يوم القيامة ( يومئذ يصدعون ) فيه إدغام التاء في الأصل في الصاد يتفرقون بعد الحساب إلى الجنة والنار
44. ( من كفر فعليه كفره ) وبال كفره وهو النار ( ومن عمل صالحا فلأنفسهم يمهدون ) يوطئون منزلهم في الجنة
45. ( ليجزي ) متعلق بيصدعون ( الذين آمنوا وعملوا الصالحات من فضله ) يثيبهم ( إنه لا يحب الكافرين ) يعاقبهم
46. ( ومن آياته ) تعالى ( أن يرسل الرياح مبشرات ) بمعنى لتبشركم بالمطر ( وليذيقكم ) بها ( من رحمته ) المطر والخصب (ولتجري الفلك ) السفن بها ( بأمره ) بإرادته ( ولتبتغوا ) تطلبوا ( من فضله ) الرزق بالتجارة في البحر ( ولعلكم تشكرون ) هذه النعم يا أهل مكة فتوحدوه
47. ( ولقد أرسلنا من قبلك رسلا إلى قومهم فجاؤوهم بالبينات ) بالحجج الواضحات على صدقهم في رسالتهم إليهم فكذبوهم (فانتقمنا من الذين أجرموا ) أهلكنا الذين كذبوهم ( وكان حقا علينا نصر المؤمنين ) على الكافرين بإهلاكهم وإنجاء المؤمنين
48. ( الله الذي يرسل الرياح فتثير سحابا ) تزعجه ( فيبسطه في السماء كيف يشاء ) من قلة وكثرة ( ويجعله كسفا ) بفتح السين وسكونها قطعا متفرقة ( فترى الودق ) المطر ( يخرج من خلاله ) وسطه ( فإذا أصاب به ) بالودق ( من يشاء من عباده إذا هم يستبشرون ) يفرحون بالمطر
49. ( وإن ) وقد ( كانوا من قبل أن ينزل عليهم من قبله ) تأكيد ( لمبلسين ) آيسين من إنزاله
50. ( فانظر إلى آثار ) وفي قراءة آثار ( رحمة الله ) نعمته بالمطر ( كيف يحيي الأرض بعد موتها ) يبسها بأن تنبت ( إن ذلك لمحيي الموتى وهو على كل شيء قدير )
51. ( ولئن ) لام قسم ( أرسلنا ريحا ) مضرة على نبات ( فرأوه مصفرا لظلوا ) صاروا جواب القسم ( من بعده ) بعد اصفراره ( يكفرون ) يجحدون النعمة بالمطر
52. ( فإنك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء إذا ) بتحقيق الهمزتين وتسهيل الثانية بينها وبين الياء ( ولوا مدبرين )
53. ( وما أنت بهاد العمي عن ضلالتهم إن ) ما ( تسمع ) سماع إفهام وقبول ( إلا من يؤمن بآياتنا ) القرآن ( فهم مسلمون ) مخلصون بتوحيد الله
54. ( الله الذي خلقكم من ضعف ) ماء مهين ( ثم جعل من بعد ضعف ) آخر وهو ضعف الطفولية ( قوة ) قوة الشباب ( ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة ) ضعف الكبر وشيب الهرم والضعف في الثلاثة بضم أوله وفتحه ( يخلق ما يشاء ) من الضعف والقوة والشباب والشيبة ( وهو العليم ) بتدبير خلقه ( القدير ) على ما يشاء
55. ( ويوم تقوم الساعة يقسم ) يحلف ( المجرمون ) الكافرون ( ما لبثوا ) في القبور ( غير ساعة ) قال تعالى ( كذلك كانوا يؤفكون ) يصرفون عن الحق البعث كما صرفوا عن الحق الصدق في مدة اللبث
56. ( وقال الذين أوتوا العلم والإيمان ) من الملائكة وغيرهم ( لقد لبثتم في كتاب الله ) فيما كتبه في سابق علمه ( إلى يوم البعث فهذا يوم البعث ) الذي أنكرتموه ( ولكنكم كنتم لا تعلمون ) وقوعه
57. ( فيومئذ لا ينفع ) بالياء والتاء ( الذين ظلموا معذرتهم ) في إنكارهم له ( ولا هم يستعتبون ) لا يطلب منهم العتبى أي الرجوع إلى ما يرضي الله
58. ( ولقد ضربنا ) جعلنا ( للناس في هذا القرآن من كل مثل ) تنبيها لهم ( ولئن ) لام قسم ( جئتهم ) يا محمد ( بآية ) مثل العصا واليد لموسى ( ليقولن ) حذف منه نون الرفع لتوالي النونات والواو ضمير الجمع لالتقاء الساكنين ( الذين كفروا ) منهم ( إن ) ما ( أنتم ) أي محمد وأصحابه ( إلا مبطلون ) أصحاب أباطيل
59. ( كذلك يطبع الله على قلوب الذين لا يعلمون ) التوحيد كما طبع على قلوب هؤلاء
60. ( فاصبر إن وعد الله ) بنصرك عليهم ( حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون ) بالبعث لا يحملنك على الخفة والطيش بترك الصبر أي لا تتركه

31. سورة لقمان
1. ( الم ) الله أعلم بمراده به
2. ( تلك ) هذه الآيات ( آيات الكتاب ) القرآن ( الحكيم ) ذي الحكمة والإضافة بمعنى من
3. هو ( هدى ورحمة ) بالرفع ( للمحسنين ) وفي قراءة العامة بالنصب حالا من الآيات العامل فيها ما في تلك من معنى الاشارة
4. ( الذين يقيمون الصلاة ) بيان للمحسنين ( ويؤتون الزكاة وهم بالآخرة هم يوقنون ) هم الثاني تأكيد
5. ( أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون ) الفائزون
6. ( ومن الناس من يشتري لهو الحديث ) أي ما يلهي منه عما يعني ( ليضل ) بفتح الياء وضمها ( عن سبيل الله ) طريق الإسلام ( بغير علم ويتخذها ) بالنصب عطفا على يضل وبالرفع عطفا على يشتري ( هزوا ) مهزوءا بها ( أولئك لهم عذاب مهين ) ذو إهانة
7. ( وإذا تتلى عليه آياتنا ) القرآن ( ولى مستكبرا ) متكبرا ( كأن لم يسمعها كأن في أذنيه وقرا ) صمما وجملتا التشبيه حالان من ضمير ولى أو الثانية بيان للاولى ( فبشره ) أعلمه ( بعذاب أليم ) مؤلم وذكر البشارة تهكم به وهو النضر بن الحارث كان يأتي الحيرة يتجر فيشتري كتب أخبار الأعاجم ويحدث بها أهل مكة ويقول إن محمدا يحدثكم أحاديث عاد وثمود وأنا أحدثكم أحاديث فارس والروم فيستملحون حديثه ويتركون استماع القرآن
8. ( إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم جنات النعيم )
9. ( خالدين فيها ) حال مقدرة أي مقدرا خلودهم فيها إذا دخلوها ( وعد الله حقا ) أي وعدهم الله بذلك وحقه حقا ( وهو العزيز ) الذي لا يغلبه شيء فيمنعه من إنجاز وعده ووعيده ( الحكيم ) الذي لا يضع شيئا إلا في محله
10. ( خلق السماوات بغير عمد ترونها ) العمد جمع عماد وهو الأسطوانة وهو صادق بأن لاعمد أصلا ( وألقى في الأرض رواسي ) جبالا مرتفعة لـ ( أن ) لا ( تميد ) تتحرك ( بكم وبث فيها من كل دابة وأنزلنا ) فيه التفات عن الغيبة ( من السماء ماء فأنبتنا فيها من كل زوج كريم ) صنف حسن
11. ( هذا خلق الله ) مخلوقه ( فأروني ) أخبروني يا أهل مكة ( ماذا خلق الذين من دونه ) غيره أي آلهتهم حتى أشركتموها به تعالى وما استفهام إنكار مبتدأ وذا بمعنى الذي بصلته خبره وأروني معلق عن العمل وما بعده سد مسد المفعولين ( بل ) للانتقال ( الظالمون في ضلال مبين ) بين بإشراكهم وأنتم منهم
12. ( ولقد آتينا لقمان الحكمة ) منها العلم والديانة والاصابة في القول والحكمة كثيرة مأثورة كان يفتي قبل بعثة داود وأدرك بعثته وأخذ عنه العلم وترك الفتيا وقال في ذلك ألا أكتفي اذا كفيت وقيل له أي الناس شر قال الذي لا يبالي إن رآه الناس مسيئا (أن ) وقلنا له أن ( اشكر لله ) ما أعطاك من الحكمة ( ومن يشكر فإنما يشكر لنفسه ) لأن ثواب شكره له ( ومن كفر ) النعمة ( فإن الله غني ) عن خلقه ( حميد ) محمود في صنعه
13. واذكر ( وإذ قال لقمان لابنه وهو يعظه يا بني ) تصغير إشفاق ( لا تشرك بالله إن الشرك ) بالله ( لظلم عظيم ) فرجع إليه وأسلم
14. ( ووصينا الإنسان بوالديه ) أمرناه أن يبرهما ( حملته أمه ) فوهنت ( وهنا على وهن ) ضعفت للحمل وضعفت للطلق وضعفت للولادة ( وفصاله ) أي فطامه ( في عامين ) وقلنا له ( أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير ) أي المرجع
15. ( وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم ) موافقة للواقع ( فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا ) بالمعروف البر والصلة ( واتبع سبيل ) طريق ( من أناب ) رجع ( إلي ) بالطاعة ( ثم إلي مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون ) فاجازيكم عليه وجملة الوصية وما بعدها اعتراض
16. ( يا بني إنها ) الخصلة السيئة ( إن تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أو في السماوات أو في الأرض ) أي في أخفى مكان من ذلك ( يأت بها الله ) فيحاسب عليها ( إن الله لطيف ) باستخراجها ( خبير ) بمكانها
17. ( يا بني أقم الصلاة وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك ) بسبب الأمر والنهي ( إن ذلك ) المذكور (من عزم الأمور ) معزوماتها التي يعزم عليها لوجوبها
18. ( ولا تصعر ) وفي قراءة تصاعر ( خدك للناس ) لا تمل وجهك عنهم تكبرا ( ولا تمش في الأرض مرحا ) خيلاء ( إن الله لا يحب كل مختال ) متبختر في مشيه ( فخور ) على الناس
19. ( واقصد في مشيك ) توسط فيه بين الدبيب والاسراع وعليك السكينة والوقار ( واغضض ) اخفض ( من صوتك إن أنكر الأصوات ) أقبحها ( لصوت الحمير ) أوله زفير وآخره شهيق
20. ( ألم تروا ) تعلموا يا مخاطبين ( أن الله سخر لكم ما في السماوات ) من الشمس والقمر والنجوم لتنتفعوا بها ( وما في الأرض ) من الثمار والأنهار والدواب ( وأسبغ ) أوسع وأتم ( عليكم نعمه ظاهرة ) وهي حسن الصورة وتسوية الأعضاء وغير ذلك ( وباطنة ) هي المعرفة وغيرها ( ومن الناس ) أهل مكة ( من يجادل في الله بغير علم ولا هدى ) من رسول ( ولا كتاب منير ) أنزله الله بل بالتقليد
21. ( وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما وجدنا عليه آباءنا ) قال تعالى ( أولو كان الشيطان يدعوهم إلى عذاب السعير ) أي موجباته لا
22. ( ومن يسلم وجهه إلى الله ) يقبل على طاعته ( وهو محسن ) موحد ( فقد استمسك بالعروة الوثقى ) بالطرف الأوثق الذي لا يخاف انقطاعه ( وإلى الله عاقبة الأمور ) مرجعها
23. ( ومن كفر فلا يحزنك ) يا محمذ ( كفره ) لا تهتم بكفره ( إلينا مرجعهم فننبئهم بما عملوا إن الله عليم بذات الصدور ) بما فيها كغيره فمجاز عليه
24. ( نمتعهم ) في الدنيا ( قليلا ) أيام حياتهم ( ثم نضطرهم ) في الآخرة ( إلى عذاب غليظ ) وهو عذاب النار لا يجدون عنه محيصا
25. ( ولئن ) لام قسم ( سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله ) حذف منه نون الرفع لتوالي الأمثال وواو الضمير لالتقاء الساكنين ( قل الحمد لله ) على ظهور الحجة عليهم بالتوحيد ( بل أكثرهم لا يعلمون ) وجوبه عليهم
26. ( لله ما في السماوات والأرض ) ملكا وخلقا وعبيدا فلا يستحق العبادة فيهما غيره ( إن الله هو الغني ) عن خلقه (الحميد ) المحمود في صنعه
27. ( ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام والبحر ) عطف على اسم أن ( يمده من بعده سبعة أبحر ) مدادا ( ما نفدت كلمات الله ) المعبر بها عن معلوماته بكتبها بتلك الأقلام بذلك المداد ولا بأكثر من ذلك لأن معلوماته تعالى غير متناهية ( إن الله عزيز ) لا يعجزه شيء ( حكيم ) لا يخرج شيء عن علمه وحكمته
28. ( ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة ) خلقا وبعثا لأنه بكلمة كن فيكون ( إن الله سميع ) يسمع كل مسموع (بصير ) يبصر كل مبصر لا يشغله شيء عن شيء
29. ( ألم تر ) تعلم يا مخاطب ( أن الله يولج ) يدخل ( الليل في النهار ويولج النهار ) يدخله ( في الليل ) فيزيد كل منهما بما نقص من الآخر ( وسخر الشمس والقمر كل ) منهما ( يجري ) في فلكه ( إلى أجل مسمى ) هو يوم القيامة ( وأن الله بما تعملون خبير )
30. ( ذلك ) المذكور ( بأن الله هو الحق ) الثابت ( وأن ما يدعون ) بالياء والتاء يعبدون ( من دونه الباطل ) الزائل ( وأن الله هو العلي ) على خلقه بالقهر ( الكبير ) العظيم
31. ( ألم تر أن الفلك ) السفن ( تجري في البحر بنعمة الله ليريكم ) يا مخاطبين بذلك ( من آياته إن في ذلك لآيات ) عبرا ( لكل صبار ) عن معاصي الله ( شكور ) لنعمته
32. ( وإذا غشيهم ) أي علا الكفار ( موج كالظلل ) كالجبال التي تظل من تحتها ( دعوا الله مخلصين له الدين ) الدعاء بأن يجنبهم أي لا يدعون معه غيره ( فلما نجاهم إلى البر فمنهم مقتصد ) متوسط بين الكفر والإيمان ومنهم باق على كفره ( وما يجحد بآياتنا ) ومنها الإنجاء من الموج ( إلا كل ختار ) غدار ( كفور ) لنعم الله تعالى
33. ( يا أيها الناس ) أهل مكة ( اتقوا ربكم واخشوا يوما لا يجزي ) يغني ( والد عن ولده ) فيه شيئا ( ولا مولود هو جاز عن والده ) فيه ( شيئا إن وعد الله حق ) بالبعث ( فلا تغرنكم الحياة الدنيا ) عن الإسلام ( ولا يغرنكم بالله ) في حلمه وإمهاله ( الغرور ) الشيطان
34. ( إن الله عنده علم الساعة ) متى تقوم ( وينزل ) بالتخفيف والتشديد ( الغيث ) بوقت يعلمه ( ويعلم ما في الأرحام ) أذكر أم أنثى ولا يعلم واحدا من الثلاثة غير الله تعالى ( وما تدري نفس ماذا تكسب غدا ) من خير أو شر ويعلمه الله تعالى (وما تدري نفس بأي أرض تموت ) ويعلمه الله تعالى ( إن الله عليم ) بكل شيء ( خبير ) بباطنه كظاهره روى البخاري عن ابن عمر حديث مفاتيح الغيب خمسة إن الله عنده علم الساعة إلى آخر السورة

32. سورة السجدة
1. ( الم ) الله أعلم بمراده به
2. ( تنزيل الكتاب ) القرآن مبتدأ ( لا ريب ) شك ( فيه ) خبر أول ( من رب العالمين ) خبر ثان
3. ( أم ) بل ( يقولون افتراه ) محمد لا ( بل هو الحق من ربك لتنذر ) به ( قوما ما ) نافية ( أتاهم من نذير من قبلك لعلهم يهتدون ) بإنذارك
4. ( الله الذي خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام ) أولها الأحد وآخرها الجمعة ( ثم استوى على العرش ) هو في اللغة سرير الملك استواء يليق به ( ما لكم ) يا كفار مكة ( من دونه ) غيره ( من ولي ) اسم ما بزيادة من أي ناصر ( ولا شفيع ) يدفع عذابه عنكم ( أفلا تتذكرون ) هذا فتؤمنوا
5. ( يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ) مدة الدنيا ( ثم يعرج ) يرجع الأمر والتدبير ( إليه في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون ) في الدنيا وفي سورة سأل خمسين ألف سنة وهو يوم القيامة لشدة أهواله بالنسبة إلى الكافر وأما المؤمن فيكون أخف عليه من صلاة مكتوبة يصليها في الدنيا كما جاء في الحديث
6. ( ذلك ) الخالق المدبر ( عالم الغيب والشهادة ) أي ما غاب عن الخلق وما حضر ( العزيز ) المنيع في ملكه ( الرحيم ) بأهل طاعته
7. ( الذي أحسن كل شيء خلقه ) بفتح اللام فعلا ماضيا صفة وبسكونها بدل اشتمال ( وبدأ خلق الإنسان ) آدم ( من طين)
8. ( ثم جعل نسله ) ذريته ( من سلالة ) علقة ( من ماء مهين ) ضعيف هو النطفة
9. ( ثم سواه ) خلق آدم ( ونفخ فيه من روحه ) جعله حيا حساسا بعد أن كان جمادا ( وجعل لكم ) لذريته ( السمع والأبصار والأفئدة ) القلوب ( قليلا ما تشكرون ) ما زائدة مؤكدة للقلة
10. ( وقالوا ) منكر والبعث ( أئذا ضللنا في الأرض ) غبنا فيها بأن صرنا ترابا مختلطا بترابها ( أئنا لفي خلق جديد ) استفهام إنكار بتحقيق الهمزتين وتسهيل الثانية وإدخال ألف بينهما على الوجهين في الموضعين قال تعالى ( بل هم بلقاء ربهم ) بالبعث ( كافرون )
11. ( قل ) لهم ( يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم ) أي يقبض أرواحكم ( ثم إلى ربكم ترجعون ) أحياء فيجازيكم بأعمالكم
12. ( ولو ترى إذ المجرمون ) الكافرون ( ناكسوا رؤوسهم عند ربهم ) مطأطؤوها حياء يقولون ( ربنا أبصرنا ) ما أنكرنا من البعث (وسمعنا ) منك تصديق الرسل فيما كذبناهم فيه ( فارجعنا ) إلى الدنيا ( نعمل صالحا ) فيها ( إنا موقنون ) الآن فما ينفعهم ذلك ولا يرجعون وجواب لو لرأيت أمرا فظيعا
13. ( ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها ) فتهتدي بالإيمان والطاعة باختيار منها ( ولكن حق القول مني ) وهو ( لأملأن جهنم من الجنة ) الجن ( والناس أجمعين ) وتقول لهم الخزنة اذا دخلوها
14. ( فذوقوا ) العذاب ( بما نسيتم لقاء يومكم هذا ) بترككم الإيمان به ( إنا نسيناكم ) تركناكم في العذاب ( وذوقوا عذاب الخلد ) الدائم ( بما كنتم تعملون ) من الكفر والتكذيب
15. ( إنما يؤمن بآياتنا ) القرآن ( الذين إذا ذكروا ) وعظوا ( بها خروا سجدا وسبحوا ) متلبسين ( بحمد ربهم ) قالوا سبحان الله وبحمده ( وهم لا يستكبرون ) عن الإيمان والطاعة
16. ( تتجافى جنوبهم ) ترتفع ( عن المضاجع ) مواضع الاضطجاع بفرشها لصلاتهم بالليل تهجدا ( يدعون ربهم خوفا ) من عقابه ( وطمعا ) في رحمته ( ومما رزقناهم ينفقون ) يتصدقون
17. ( فلا تعلم نفس ما أخفي ) خبىء ( لهم من قرة أعين ) ما تقر به أعينهم وفي قراءة بسكون الياء مضارع ( جزاء بما كانوا يعملون )
18. ( أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون ) أي المؤمنون والفاسقون
19. ( أما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم جنات المأوى نزلا ) هو ما يعد للضيف ( بما كانوا يعملون )
20. ( وأما الذين فسقوا ) بالكفر والتكذيب ( فمأواهم النار كلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها وقيل لهم ذوقوا عذاب النار الذي كنتم به تكذبون )
21. ( ولنذيقنهم من العذاب الأدنى ) عذاب الدنيا بالقتل والأسر والجدب سنين والأمراض ( دون ) قبل ( العذاب الأكبر ) عذاب الآخرة ( لعلهم ) أي من بقي منهم ( يرجعون ) إلى الأيمان
22. ( ومن أظلم ممن ذكر بآيات ربه ) القرآن ( ثم أعرض عنها ) لا أحد أظلم منه ( إنا من المجرمين ) المشركين ( منتقمون )
23. ( ولقد آتينا موسى الكتاب ) التوراة ( فلا تكن في مرية ) شك ( من لقائه ) وقد التقينا ليلة الاسراء ( وجعلناه ) موسى أو الكتاب ( هدى ) هاديا ( لبني إسرائيل )
24. ( وجعلنا منهم أئمة ) بتحقيق الهمزتين وإبدال الثانية ياء قادة ( يهدون ) الناس ( بأمرنا لما صبروا ) على دينهم وعلى البلاء من عدوهم وفي قراءة بكسر اللام وتخفيف الميم ( وكانوا بآياتنا ) الدالة على قدرتنا ووحدانيتنا ( يوقنون )
25. ( إن ربك هو يفصل بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون ) من أمر الدين
26. ( أولم يهد لهم كم أهلكنا من قبلهم من ) أي يتبين لكفار مكة إهلاكنا كثيرا ( القرون يمشون ) الأمم بكفرهم ( في ) حال من ضمير لهم ( مساكنهم إن ) في اسفارهم إلى الشام وغيرها فيعتبروا ( في ذلك لآيات أفلا ) دلالات على قدرتنا ( يسمعون أولم ) سماع تدبر واتعاظ
27. ( أولم يروا أنا نسوق الماء إلى الأرض الجرز فنخرج ) اليابسة التي لا نبات فيها ( به زرعا تأكل منه أنعامهم وأنفسهم أفلا يبصرون ويقولون ) هذا فيعلموا أنا نقدر على إعادتهم
28. ( ويقولون ) للمؤمنين ( متى هذا الفتح ) بيننا وبينكم ( إن كنتم صادقين )
29. ( قل يوم الفتح ) بإنزال العذاب بهم ( لا ينفع الذين كفروا إيمانهم ولا هم ينظرون ) يمهلون لتوبة أو معذرة
30. ( فأعرض عنهم وانتظر ) إنزال العذاب بهم ( إنهم منتظرون ) بك حادث موت أو قتل فيستريحون منك وهذا قبل الأمر بقتالهم

33. سورة الأحزاب
1. ( يا أيها النبي اتق الله ) دم على تقواه ( ولا تطع الكافرين والمنافقين ) فيما يخالف شريعتك ( إن الله كان عليما ) بما يكون من قبل كونه ( حكيما ) فيما يخلقه
2. ( واتبع ما يوحى إليك من ربك ) أي القرآن ( إن الله كان بما تعملون خبيرا ) وفي قراءة بالفوقانية
3. ( وتوكل على الله ) في أمرك ( وكفى بالله وكيلا ) حافظا لك وأمته تبع له في ذلك كله
4. ( ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه ) ردا على من قال من الكفار إن له قلبين يعقل بكل منهما أفضل من عقل محمد ( وما جعل أزواجكم اللائي ) بهمزة وياء وبلا ياء ( تظاهرون ) بلا ألف قبل الهاء وبها والتاء الثانية في الأصل مدغمة في الظاء ( منهن ) يقول الواحد مثلا لزوجته أنت علي كظهر أمي ( أمهاتكم ) أي كالأمهات في تحريمها بذلك المعد في الجاهلية طلاقا وإنما تجب به الكفارة بشرطه كما ذكر في سورة المجادلة ( وما جعل أدعياءكم ) جمع دعي وهو من يدعى لغير أبيه ابنا له ( أبناءكم ) حقيقة ( ذلكم قولكم بأفواهكم ) أي اليهود والمنافقين قالوا لما تزوج النبي صلى الله عليه وسلم زينب بنت جحش التي كانت امرأة زيد بن حارثة الذي تبناه النبي صلى الله عليه وسلم قالوا تزوج محمد امرأة ابنه فأكذبهم الله تعالى في ذلك ( والله يقول الحق ) في ذلك ( وهو يهدي السبيل ) سبيل الحق
5. لكن ( ادعوهم لآبائهم هو أقسط ) أعدل ( عند الله فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم ) بنو عمكم ( وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ) في ذلك ( ولكن ) في ( ما تعمدت قلوبكم ) فيه هو بعد النهي ( وكان الله غفورا ) لما كان من قولكم قبل النهي ( رحيما ) بكم في ذلك
6. ( النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم ) فيما دعاهم إليه ودعتهم أنفسهم إلى خلافه ( وأزواجه أمهاتهم ) في حرمة نكاحهن (وأولوا الأرحام ) ذوو القربات ( بعضهم أولى ببعض ) في الارث ( في كتاب الله من المؤمنين والمهاجرين ) أي من الارث بالإيمان والهجرة الذي كان أول الإسلام فنسخ ( إلا ) لكن ( أن تفعلوا إلى أوليائكم معروفا ) بوصية فجائز ( كان ذلك ) نسخ الارث بالإيمان والهجرة بإرث ذوي الأرحام ( في الكتاب مسطورا ) واريد بالكتاب في الموضعين اللوح المحفوظ
7. واذكر ( وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ) حين أخرجوا من صلب آدم كالذر جمع ذرة وهي أصغر من النمل ( ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ابن مريم ) بأن يعبدوا الله ويدعوا إلى عبادته وذكر الخمسة من عطف الخاص على العام ( وأخذنا منهم ميثاقا غليظا ) شديدا بالوفاء بما حملوه وهو اليمين بالله تعالى ثم أخذ الميثاق
8. ( ليسأل ) الله ( الصادقين عن صدقهم ) في تبليغ الرسالة تبكيتا للكافرين بهم ( وأعد ) تعالى ( للكافرين ) بهم (عذابا أليما ) مؤلما هو عطف على أخذنا
9. ( يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود ) من الكفار متحزبون أيام حفر الخندق ( فأرسلنا عليهم ريحا وجنودا لم تروها ) من الملائكة ( وكان الله بما تعملون ) بالتاء من حفر الخندق وبالياء من تحزيب المشركين ( بصيرا )
10. ( إذ جاؤوكم من فوقكم ومن أسفل منكم ) من أعلى الوادي وأسفله من المشرق والمغرب ( وإذ زاغت الأبصار ) مالت عن كل شيء إلى عدوها من كل جانب ( وبلغت القلوب الحناجر ) جمع حنجرة وهي منتهى الحلقوم من شدة الخوف ( وتظنون بالله الظنونا ) المختلفة بالنصر واليأس
11. ( هنالك ابتلي المؤمنون ) اختبروا لتبين المخلص من غبره ( وزلزلوا ) حركوا ( زلزالا شديدا ) من شدة الفزع
12. واذكر ( وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ) ضعف اعتقاد ( ما وعدنا الله ورسوله ) بالنصر ( إلا غرورا ) باطلا
13. ( وإذ قالت طائفة منهم ) أي المنافقين ( يا أهل يثرب ) هي أرض المدينة ولم تصرف للعملية ووزن الفعل ( لا مقام لكم) بضم الميم وفتحها لا إقامة ولا مكانة ( فارجعوا ) إلى منازلكم من المدينة وكانوا خرجوا مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى سلع جبل خارج المدينة للقتال ( ويستأذن فريق منهم النبي ) في الرجوع ( يقولون إن بيوتنا عورة ) غير حصينة يخشى عليها قال تعالى ( وما هي بعورة إن ) ما ( يريدون إلا فرارا ) من القتال
14. ( ولو دخلت ) المدينة ( عليهم من أقطارها ) نواحيها ( ثم سئلوا ) سألهم الداخلون ( الفتنة ) الشرك ( لآتوها ) بالمد والقصر أعطوها وفعلوها ( وما تلبثوا بها إلا يسيرا )
15. ( ولقد كانوا عاهدوا الله من قبل لا يولون الأدبار وكان عهد الله مسؤولا ) عن الوفاء به
16. ( قل لن ينفعكم الفرار إن فررتم من الموت أو القتل وإذا ) إن فررتم ( لا تمتعون ) في الدنيا بعد فراركم ( إلا قليلا ) بقية آجالكم
17. ( قل من ذا الذي يعصمكم ) يجيركم ( من الله إن أراد بكم سوء ) هلاكا وهزيمة ( أو ) يصيبكم بسوء إن ( أراد ) الله ( بكم رحمة ) خيرا ( ولا يجدون لهم من دون الله ) غيره ( وليا ) ينفعهم ( ولا نصيرا ) يدفع الضر عنهم
18. ( قد يعلم الله المعوقين ) المثبطين ( منكم والقائلين لإخوانهم هلم ) تعالوا ( إلينا ولا يأتون البأس ) القتال ( إلا قليلا ) رياء وسمعة
19. ( أشحة عليكم ) بالمعاونة جمع شحيح وهو الحال من ضمير يأتون ( فإذا جاء الخوف رأيتهم ينظرون إليك تدور أعينهم كالذي ) كنظر أو كدوران الذي ( يغشى عليه من الموت ) أي سكراته ( فإذا ذهب الخوف ) وحيزت الغنائم ( سلقوكم ) آذوكم أو ضربوكم ( بألسنة حداد أشحة على الخير ) أي الغنيمة يطلبونها ( أولئك لم يؤمنوا ) حقيقة ( فأحبط الله أعمالهم وكان ذلك ) الاحباط ( على الله يسيرا ) بإرادته
20. ( يحسبون الأحزاب ) من الكفار ( لم يذهبوا ) إلى مكة لخوفهم منهم ( وإن يأت الأحزاب ) كرة أخرى ( يودوا ) يتمنوا ( لو أنهم بادون في الأعراب ) كائنون في البادية ( يسألون عن أنبائكم ) أخباركم مع الكفار ( ولو كانوا فيكم ) هذه الكرة ( ما قاتلوا إلا قليلا ) رياء وخوفا من التعبير
21. ( لقد كان لكم في رسول الله أسوة ) بكسر الهمزة وضمها ( حسنة ) اقتداء به في القتال والثبات في مواطنه ( لمن ) بدل من لكم ( كان يرجوا الله ) يخافه ( واليوم الآخر وذكر الله كثيرا ) بخلاف من ليس كذلك
22. ( ولما رأى المؤمنون الأحزاب ) من الكفار ( قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله ) من الابتلاء والنصر ( وصدق الله ورسوله ) في الوعد ( وما زادهم ) ذلك ( إلا إيمانا ) تصديقا بوعد الله ( وتسليما ) لأمره
23. ( من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه ) من الثبات مع النبي صلى الله عليه وسلم ( فمنهم من قضى نحبه) مات أو قتل في سبيل الله ( ومنهم من ينتظر ) ذلك ( وما بدلوا تبديلا ) في العهد وهم بخلاف حال المنافقين
24. ( ليجزي الله الصادقين بصدقهم ويعذب المنافقين إن شاء ) بأن يميتهم على نفاقهم ( أو يتوب عليهم إن الله كان غفورا ) لمن تاب ( رحيما ) به
25. ( ورد الله الذين كفروا ) الأحزاب ( بغيظهم لم ينالوا خيرا ) مرادهم من الظفر بالمؤمنين ( وكفى الله المؤمنين القتال ) بالريح والملائكة ( وكان الله قويا ) على إيجاد ما يريده ( عزيزا ) غالبا على أمره
26. ( وأنزل الذين ظاهروهم من أهل الكتاب ) أي قؤيظة ( من صياصيهم ) حصونهم جمع صيصية وهو ما يتحصن به ( وقذف في قلوبهم الرعب ) الخوف ( فريقا تقتلون ) منهم وهم المقاتلة ( وتأسرون فريقا ) منهم أي الذراري
27. ( وأورثكم أرضهم وديارهم وأموالهم وأرضا لم تطؤوها ) بعد وهي خيبر اخذت بعد قريظة ( وكان الله على كل شيء قديرا )
28. ( يا أيها النبي قل لأزواجك ) وهن تسع وطلبن منه من زينة الدنيا ما ليس عنده ( إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن ) أي متعة الطلاق ( وأسرحكن سراحا جميلا ) اطلقكن من غير ضرار
29. ( وإن كنتن تردن الله ورسوله والدار الآخرة ) الجنة ( فإن الله أعد للمحسنات منكن ) بإرادة الآخرة ( أجرا عظيما ) الجنة فاخترن الآخرة على الدنيا
30. ( يا نساء النبي من يأت منكن بفاحشة مبينة ) بفتح الياء وكسرها أي بينت أو هي بينة ( يضاعف ) وفي قراءة يضعف بالتشديد وفي أخرى نضعف بالنون معه ونصب العذاب ( لها العذاب ضعفين ) ضعفي عذاب غيرهن أي مثليه ( وكان ذلك على الله يسيرا )