تفسير الجلالين للقران الكريم أجزاء.. 24



تفسير الجلالين  للقران الكريم أجزاء.. 24


الجزء الرابع والعشرون

32. ( فمن ) أي لا أحد ( أظلم ممن كذب على الله ) بنسبة الشريك والولد إلأيه ( وكذب بالصدق ) بالقرآن ( إذ جاءه أليس في جهنم مثوى ) مأوى ( للكافرين ) بلى
33. ( والذي جاء بالصدق ) هو النبي صلى الله عليه وسلم ( وصدق به ) هم المؤمنون فالذي بمعنى الذين ( أولئك هم المتقون ) الشرك
34. ( لهم ما يشاؤون عند ربهم ذلك جزاء المحسنين ) لأنفسهم بإيمانهم
35. ( ليكفر الله عنهم أسوأ الذي عملوا ويجزيهم أجرهم بأحسن الذي كانوا يعملون ) أسوأ وأحسن بمعنى السيء والحسن
36. ( أليس الله بكاف عبده ) أي النبي بلى ( ويخوفونك ) الخطاب له ( بالذين من دونه ) الأصنام أي تقتله أو تخبله ( ومن يضلل الله فما له من هاد )
37. ( ومن يهد الله فما له من مضل أليس الله بعزيز ) غالب على أمره ( ذي انتقام ) من أعدائه بلى
38. ( ولئن ) لام قسم ( سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله قل أفرأيتم ما تدعون ) تعبدون ( من دون الله ) الأصنام ( إن أرادني الله بضر هل هن كاشفات ضره ) لا ( أو أرادني برحمة هل هن ممسكات رحمته ) لا وفي قراءة بالإضافة فيهما ( قل حسبي الله عليه يتوكل المتوكلون ) يثق الواثقون
39. ( قل يا قوم اعملوا على مكانتكم ) حالتكم ( إني عامل ) على حالتي ( فسوف تعلمون )
40. ( من ) موصولة مفعول العلم ( يأتيه عذاب يخزيه ويحل ) ينزل ( عليه عذاب مقيم ) دائم هو عذاب النار وقد أخزاهم الله ببدر
41. ( إنا أنزلنا عليك الكتاب للناس بالحق ) متعلق بأنزل ( فمن اهتدى فلنفسه ) اهتداؤه ( ومن ضل فإنما يضل عليها وما أنت عليهم بوكيل ) فتجبرهم على هدى
42. ( الله يتوفى الأنفس حين موتها ) يتوفى ( والتي لم تمت في منامها ) يتوفاها وقت النوم ( فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى ) وقت موتها والمرسلة نفس التمييز تبقى بدونها نفس الحياة بخلاف العكس ( إن في ذلك) المذكور ( لآيات ) دلالات ( لقوم يتفكرون ) فيعلمون أن القادر على ذلك قادر على البعث وقريش لم يتفكروا في ذلك
43. ( أم ) بل ( اتخذوا من دون الله ) أي الأصنام آلهة ( شفعاء ) عند الله بزعمهم ( قل ) لهم ( أولو كانوا لا يملكون شيئا ) من الشفاعة وغيرها ( ولا يعقلون ) أنكم تعبدونهم ولا غير ذلك لا
44. ( قل لله الشفاعة جميعا ) أي هو مختص بها فلا يشفع أحد إلا بإذنه ( له ملك السماوات والأرض ثم إليه ترجعون )
45. ( وإذا ذكر الله وحده ) أي دون آلهتهم ( اشمأزت ) نفرت وانقبضت ( قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة وإذا ذكر الذين من دونه ) أي الأصنام ( إذا هم يستبشرون )
46. ( قل اللهم ) بمعنى يا الله ( فاطر السماوات والأرض ) مبدعها ( عالم الغيب والشهادة ) ما غاب وما شوهد ( أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون ) من أمر الدين اهدني لما اختلفوا فيه من الحق
47. ( ولو أن للذين ظلموا ما في الأرض جميعا ومثله معه لافتدوا به من سوء العذاب يوم القيامة وبدا ) ظهر ( لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون )
48. ( وبدا لهم سيئات ما كسبوا وحاق ) نزل ( بهم ما كانوا به يستهزئون ) أي العذاب
49. ( فإذا مس الإنسان ) الجنس ( ضر دعانا ثم إذا خولناه ) أعطيناه ( نعمة ) إنعاما ( منا قال إنما أوتيته على علم ) من الله بأني له أهل ( بل هي ) القولة ( فتنة ) بلية يبتلى بها العبد ( ولكن أكثرهم لا يعلمون ) أن التخويل استدراج وامتحان
50. ( قد قالها الذين من قبلهم ) من الأمم كقارون وقومه الراضين بها ( فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون )
51. ( فأصابهم سيئات ما كسبوا ) جزاؤها ( والذين ظلموا من هؤلاء ) قريش ( سيصيبهم سيئات ما كسبوا وما هم بمعجزين ) بفائتين عذابنا فقحطوا سبع سنين ثم وسع عليهم
52. ( أولم يعلموا أن الله يبسط الرزق لمن ) يوسعه ( يشاء ويقدر ) امتحانا ( إن ) يضيقه لمن يشاء ابتلاء ( في ذلك لآيات لقوم يؤمنون قل ) به
53. ( قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا ) بكسر النون وفتحها وقرىء بضمها تيأسوا ( من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا ) لمن تاب من الشرك ( إنه هو الغفور الرحيم )
54. ( وأنيبوا ) ارجعوا ( إلى ربكم وأسلموا ) أخلصوا العمل ( له من قبل أن يأتيكم العذاب ثم لا تنصرون ) بمنعه إن لم يتوبوا
55. ( واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم ) هو القرآن ( من قبل أن يأتيكم العذاب بغتة وأنتم لا تشعرون ) قبل إتيانه بوقته
56. فبادروا قبل ( أن تقول نفس يا حسرتى ) أي ندامتي ( على ما فرطت في جنب الله ) طاعته ( وإن ) مخففة من الثقيلة وإني ( كنت لمن الساخرين ) بدينه وكتابه
57. ( أو تقول لو أن الله هداني ) بالطاعة فاهتديت ( لكنت من المتقين ) عذابه
58. ( أو تقول حين ترى العذاب لو أن لي كرة ) رجعة إلى الدنيا ( فأكون من المحسنين ) المؤمنين فيقال له من قبل الله
59. ( بلى قد جاءتك آياتي ) القرآن وهو سبب الهداية ( فكذبت بها واستكبرت ) تكبرت عن الإيمان بها ( وكنت من الكافرين )
60. ( ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله ) بنسبة الشريك والولد إليه ( وجوههم مسودة أليس في جهنم مثوى ) مأوى ( للمتكبرين ) عن الإيمان بلى
61. ( وينجي الله ) من جهنم ( الذين اتقوا ) الشرك ( بمفازتهم ) بمكان فوزهم من الجنة بأن يجعلوا فيه ( لا يمسهم السوء ولا هم يحزنون )
62. ( الله خالق كل شيء وهو على كل شيء وكيل ) متصرف فيه كيف يشاء
63. ( له مقاليد السماوات والأرض ) مفاتيح خزائنها من المطر والنبات وغيرهما ( والذين كفروا بآيات الله ) القرآن ( أولئك هم الخاسرون ) متصل بقوله وينجي الله الذين اتقوا الخ وما بينهما اعتراض
64. ( قل أفغير الله تأمروني أعبد أيها الجاهلون ) غير منصوب بأعبد المعمول لتأمروني بتقدير أن بنون واحدة وبنونين بإدغام وفك
65. ( ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك ) والله ( لئن أشركت ) يا محمد فرضا ( ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين )
66. ( بل الله ) وحده ( فاعبد وكن من الشاكرين ) إنعامه عليك
67. ( وما قدروا الله حق قدره ) ما عرفوه حق معرفته أو ما عظموه حق عظمته حين أشركوا به غيره ( والأرض جميعا ) حال أي السبع ( قبضته ) أي مقبوضة له في ملكه وتصرفه ( يوم القيامة والسماوات مطويات ) مجموعات ( بيمينه ) بقدرته ( سبحانه وتعالى عما يشركون ) معه
68. ( ونفخ في الصور ) النفخة الأولى ( فصعق ) مات ( من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله ) من الحور والولدان وغيرهما ( ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم ) جميع الخلائق الموتى ( قيام ينظرون ) ينتظرون ما يفعل بهم
69. ( وأشرقت الأرض ) أضاءت ( بنور ربها ) حين يتجلى الله لفصل القضاء ( ووضع الكتاب ) كتاب الأعمال للحساب (وجيء بالنبيين والشهداء ) أي بمحمد صلى الله عليه وسلم وأمته يشهدون للرسل بالبلاغ ( وقضي بينهم بالحق ) أي العدل ( وهم لا يظلمون ) شيئا
70. ( ووفيت كل نفس ما عملت ) جزاءه ( وهو أعلم ) عالم ( بما يفعلون ) فلا يحتاج إلى شاهد
71. ( وسيق الذين كفروا ) بعنف ( إلى جهنم زمرا ) جماعات متفرقة ( حتى إذا جاؤوها فتحت أبوابها ) جواب إذا ( وقال لهم خزنتها ألم يأتكم رسل منكم يتلون عليكم آيات ربكم ) القرآن وغيره ( وينذرونكم لقاء يومكم هذا قالوا بلى ولكن حقت كلمة العذاب ) أي لأملأن جهنم الآية ( على الكافرين )
72. ( قيل ادخلوا أبواب جهنم خالدين فيها ) مقدرين الخلود ( فبئس مثوى ) مأوى ( المتكبرين ) جهنم
73. ( وسيق الذين اتقوا ربهم ) بلطف ( إلى الجنة زمرا حتى إذا جاؤوها وفتحت أبوابها ) الواو فيه للحال بتقدير قد ( وقال لهم خزنتها سلام عليكم طبتم ) حال ( فادخلوها خالدين ) مقدرين الخلود فيها وجواب إذا مقدر أي دخلوها وسوقهم وفتح الأبواب قبل مجيئهم تكرمة لهم وسوق الكفار وفتح أبواب جهنم عند مجيئهم ليبقى حرها إليهم إهانة لهم
74. ( وقالوا ) عطف على دخولها المقدر ( الحمد لله الذي صدقنا وعده ) بالجنة ( وأورثنا الأرض ) أي أرض الجنة ( نتبوأ ) ننزل ( من الجنة حيث نشاء ) لأنها كلها لا يختار فيها مكان على مكان ( فنعم أجر العاملين ) الجنة
75. ( وترى الملائكة حافين ) حال ( من حول العرش ) من كل جانب منه ( يسبحون ) حال من ضمير حافين ( بحمد ربهم ) ملابسين للحمد يقولون سبحان الله وبحمده ( وقضي بينهم ) بين جميع الخلائق ( بالحق ) العدل فيدخل المؤمنون الجنة والكافرون النار ( وقيل الحمد لله رب العالمين ) ختم استقرار الفريقين بالحمد من الملائكة

40. سورة غافر
1. ( حم ) الله أعلم بمراده به
2. ( تنزيل الكتاب ) القرآن مبتدأ ( من الله ) خبر ( العزيز ) في ملكه ( العليم ) بخلقه
3. ( غافر الذنب ) للمؤمنين ( وقابل التوب ) لهم مصدر ( شديد العقاب ) للكافرين مشددة ( ذي الطول ) الإنعام الواسع وهو موصوف على الدوام بكل هذه الصفات فاضافة المشتق منها للتعريف كالاخيرة ( لا إله إلا هو إليه المصير ) المرجع
4. ( ما يجادل في آيات الله ) القرآن ( إلا الذين كفروا ) من أهل مكة ( فلا يغررك تقلبهم في البلاد ) للمعاش سالمين فإن عاقبتهم النار
5. ( كذبت قبلهم قوم نوح والأحزاب ) كعاد وثمود وغيرهما ( من بعدهم وهمت كل أمة برسولهم ليأخذوه ) يقتلوه ( وجادلوا بالباطل ليدحضوا ) يزيلوا ( به الحق فأخذتهم ) بالعقاب ( فكيف كان عقاب ) لهم أي هو واقع موقعه
6. ( وكذلك حقت كلمة ربك ) لأملأن جهنم الآية ( على الذين كفروا أنهم أصحاب النار ) بدل من كلمة
7. ( الذين يحملون العرش ) مبتدأ ( ومن حوله ) عطف عليه ( يسبحون ) خبره ( بحمد ربهم ) ملابسين للحمد أي يقولون سبحان الله وبحمده ( ويؤمنون به ) تعالى ببصائرهم أي يصدقون بوحدانيته ( ويستغفرون للذين آمنوا ) يقولون ( ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما ) أي وسعت رحمتك كل شيء ووسع علمك كل شيء ( فاغفر للذين تابوا ) من الشرك ( واتبعوا سبيلك ) دين الإسلام ( وقهم عذاب الجحيم ) النار
8. ( ربنا وأدخلهم جنات عدن ) إقامة ( التي وعدتهم ومن صلح ) عطف على هم في وأدخلهم أو وعدتهم ( من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم إنك أنت العزيز الحكيم ) في صنعه
9. ( وقهم السيئات ) أي عذابها ( ومن تق السيئات يومئذ ) يوم القيامة ( فقد رحمته وذلك هو الفوز العظيم )
10. ( إن الذين كفروا ينادون ) من قبل الملائكة وهم يمقتون أنفسهم عند دخولهم النار ( لمقت الله ) إياكم ( أكبر من مقتكم أنفسكم إذ تدعون ) في الدنيا ( إلى الإيمان فتكفرون )
11. ( قالوا ربنا أمتنا اثنتين ) إماتتين ( وأحييتنا اثنتين ) إحياءتين لأنهم نطف أموات فاحيوا ثم اميتوا ثم احيوا للبعث ( فاعترفنا بذنوبنا ) بكفرنا بالبعث ( فهل إلى خروج ) من النار والرجوع إلى الدنيا لنطيع ربنا ( من سبيل ) طريق وجوابهم لا
12. ( ذلكم ) أي العذاب الذي أنتم فيه ( بأنه ) بسبب أنه في الدنيا ( إذا دعي الله وحده كفرتم ) بتوحيده ( وإن يشرك به ) يجعل له شريك ( تؤمنوا ) تصدقوا بالاشراك ( فالحكم ) في تعذيبكم ( لله العلي ) على خلقه ( الكبير ) العظيم
13. ( هو الذي يريكم آياته ) دلائل توحيده ( وينزل لكم من السماء رزقا ) بالمطر ( وما يتذكر ) يتعظ ( إلا من ينيب ) يرجع عن الشرك
14. ( فادعوا الله ) اعبدوه ( مخلصين له الدين ) من الشرك ( ولو كره الكافرون ) إخلاصكم له
15. ( رفيع الدرجات ) أي الله عظيم الصفات أو رافع درجات المؤمنين في الجنة ( ذو العرش ) خالقه ( يلقي الروح ) الوحي ( من أمره ) أي قوله ( على من يشاء من عباده لينذر ) يخوف الملقى عليه الناس ( يوم التلاق ) بحذف الياء وإثباتها يوم القيامة لتلاقي لأهل السماء والأرض والعابد والمعبود والظالم والمظلوم فيه
16. ( يوم هم بارزون ) خارجون من قبورهم ( لا يخفى على الله منهم شيء لمن الملك اليوم ) يقوله تعالى ويجيب نفسه ( لله الواحد القهار ) لخلقه
17. ( اليوم تجزى كل نفس بما كسبت لا ظلم اليوم إن الله سريع الحساب ) يحاسب جميع الخلق في قدر نصف نهار من أيام الدنيا لحديث بذلك
18. ( وأنذرهم يوم الآزفة ) يوم القيامة من أزف الرحيل قرب ( إذ القلوب ) ترتفع خوفا ( لدى ) عند ( الحناجر كاظمين ) ممتلئين غما حال من القلوب عوملت بالجمع بالياء والنون معاملة أصحابها ( ما للظالمين من حميم ) محب ( ولا شفيع يطاع ) تقبل شفاعته لا مفهوم للوصف إذ لا شفيع لهم أصلا فما لنا من شافعين أوله مفهوم بناء على زعمهم أن لهم شفعاء أي لو شفعوا فرضا لم يقبلوا
19. ( يعلم ) أي الله ( خائنة الأعين ) بمسارفتها النظر إلى محرم ( وما تخفي الصدور ) القلوب
20. ( والله يقضي بالحق والذين يدعون ) يعبدون أي كفار مكة بالياء والتاء ( من دونه ) وهم الأصنام ( لا يقضون بشيء ) فكيف يكونون شركاء الله ( إن الله هو السميع ) لأقوالهم ( البصير ) بأفعالهم
21. ( أولم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين كانوا من قبلهم كانوا هم أشد منهم قوة ) وفي قراءة منكم (وآثارا في الأرض فأخذهم ) من مصانع وقصور ( الله بذنوبهم ) أهلكهم ( وما كان لهم من الله من واق ذلك ) عذابه
22. ( ذلك بأنهم كانت تأتيهم رسلهم بالبينات ) بالمعجزات الظاهرات ( فكفروا فأخذهم الله إنه قوي شديد العقاب )
23. ( ولقد أرسلنا موسى بآياتنا وسلطان مبين ) برهان بين ظاهر
24. ( إلى فرعون وهامان وقارون فقالوا ) هو ( ساحر كذاب )
25. ( فلما جاءهم بالحق ) بالصدق ( من عندنا قالوا اقتلوا أبناء الذين آمنوا معه واستحيوا ) استبقوا ( نساءهم وما كيد الكافرين إلا في ضلال ) هلاك
26. ( وقال فرعون ذروني أقتل موسى ) لأنهم كانوا يكفونه عن قتله ( وليدع ربه ) ليمنعه مني ( إني أخاف أن يبدل دينكم ) من عبادتكم إياي فتتبعوه ( أو أن يظهر في الأرض الفساد ) من قتل وغيره وفي قراءة أو أن وفي أخرى بفتح الياء والهاء وضم الدال
27. ( وقال موسى ) لقومه وقد سمع ذلك ( إني عذت بربي وربكم من كل متكبر لا يؤمن بيوم الحساب )
28. ( وقال رجل مؤمن من آل فرعون ) قيل هو ابن عمه ( يكتم إيمانه أتقتلون رجلا أن ) أي لأن ( يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينات ) بالمعجزات الظاهرات ( من ربكم وإن يك كاذبا فعليه كذبه ) أي ضرر كذبه ( وإن يك صادقا يصبكم بعض الذي يعدكم ) به من العذاب عاجلا ( إن الله لا يهدي من هو مسرف ) مشرك ( كذاب ) مفتر
29. ( يا قوم لكم الملك اليوم ظاهرين ) غالبين حال ( في الأرض ) أرض مصر ( فمن ينصرنا من بأس الله ) عذابه إن قتلتم أولياءه ( إن جاءنا ) أي لا ناصر لنا ( قال فرعون ما أريكم إلا ما أرى ) أي اشير عليكم إلا بما أشير به على نفسي وهو قتل موسى ( وما أهديكم إلا سبيل الرشاد ) طريق الصواب
30. ( وقال الذي آمن يا قوم إني أخاف عليكم مثل يوم الأحزاب ) أي يوم حزب بعد حزب
31. ( مثل دأب قوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم ) مثل بدل من مثل قبله أي مثل جزاء من كفر عادة قبلكم من تعذيبهم في الدنيا ( وما الله يريد ظلما للعباد )
32. ( ويا قوم إني أخاف عليكم يوم التناد ) بحذف الياء وإثباتها أي يوم القيامة يكثر فيه نداء أصحاب الجنة أصحاب النار وبالعكس والنداء بالسعادة لأهلها وبالشقاوة لأهلها وغير ذلك
33. ( يوم تولون مدبرين ) عن موقف الحساب إلى النار ( ما لكم من الله ) أي عذابه ( من عاصم ) مانع ( ومن يضلل الله فما له من هاد )
34. ( ولقد جاءكم يوسف من قبل ) قبل موسى وهو يوسف بن يعقوب في قول عمر إلى زمن موسى أو يوسف بن إبراهيم بن يوسف بن يعقوب في قول ( بالبينات ) بالمعجزات الظاهرات ( فما زلتم في شك مما جاءكم به حتى إذا هلك قلتم ) من غير برهان ( لن يبعث الله من بعده رسولا ) أي فلن تزالوا كافرين بيوسف وغيره ( كذلك ) أي مثل إضلالكم ( يضل الله من هو مسرف ) مشرك ( مرتاب ) شاك فيما شهدت به البينات
35. ( الذين يجادلون في آيات الله ) معجزاته مبتدأ ( بغير سلطان ) برهان ( أتاهم كبر ) جدالهم خبر المبتدأ ( مقتا عند الله وعند الذين آمنوا كذلك ) مثل إضلالهم ( يطبع ) يختم ( الله ) بالضلال ( على كل قلب متكبر جبار ) بتنوين قلب ودونه ومتى تكبر القلب تكبر صاحبه وبالعكس وكل على القراءتين لعموم الضلال جميع القلب لا لعموم القلب
36. ( وقال فرعون يا هامان ابن لي صرحا ) بناء عاليا ( لعلي أبلغ الأسباب )
37. ( أسباب السماوات ) طرقها الموصلة إليها ( فأطلع ) بالرفع عطفا على أبلغ وبالنصب جوابا لابن ( إلى إله موسى وإني لأظنه ) أي موسى ( كاذبا ) في أن له إلاها غيري قال فرعون ذلك تمويها ( وكذلك زين لفرعون سوء عمله وصد عن السبيل ) طريق الهدى بفتح الصاد وضمها ( وما كيد فرعون إلا في تباب ) خسار
38. ( وقال الذي آمن يا قوم اتبعون ) باثبات الياء وحذفها ( أهدكم سبيل الرشاد ) تقدم
39. ( يا قوم إنما هذه الحياة الدنيا متاع ) تمتع يزول ( وإن الآخرة هي دار القرار )
40. ( من عمل سيئة فلا يجزى إلا مثلها ومن عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة ) بضم الياء وفتح الخاء وبالعكس ( يرزقون فيها بغير حساب ) رزقا واسعا بغير تبعة
41. ( ويا قوم ما لي أدعوكم إلى النجاة وتدعونني إلى النار )
42. ( تدعونني لأكفر بالله وأشرك به ما ليس لي به علم وأنا أدعوكم إلى العزيز ) الغالب على أمره ( الغفار ) لمن تاب
43. ( لا جرم ) حقا ( أنما تدعونني إليه ) لأعبده ( ليس له دعوة ) استجابة دعوة ( في الدنيا ولا في الآخرة وأن مردنا ) مرجعنا ( إلى الله وأن المسرفين ) الكافرين ( هم أصحاب النار )
44. ( فستذكرون ) إذا عاينتم العذاب ( ما أقول لكم وأفوض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد ) قال ذلك لما توعدوه بمخالفة دينهم
45. ( فوقاه الله سيئات ما مكروا ) به من القتل ( وحاق ) نزل ( بآل فرعون ) قومه معه ( سوء العذاب ) الغرق
46. تم ( النار يعرضون عليها ) يحرقون بها ( غدوا وعشيا ) صباحا ومساء ( ويوم تقوم الساعة ) يقال ( أدخلوا ) يا ( آل فرعون ) وفي قراءة بفتح الهمزة وكسر الخاء أمر للملائكة ( أشد العذاب ) عذاب جهنم
47. واذكر ( وإذ يتحاجون ) يتخاصم الكفار ( في النار فيقول الضعفاء للذين استكبروا إنا كنا لكم تبعا ) جمع تابع ( فهل أنتم مغنون ) دافعون ( عنا نصيبا ) جزءا ( من النار )
48. ( قال الذين استكبروا إنا كل فيها إن الله قد حكم بين العباد ) فأدخل المؤمنين الجنة والكافرين النار
49. ( وقال الذين في النار لخزنة جهنم ادعوا ربكم يخفف عنا يوما ) أي قدر يوم ( من العذاب )
50. ( قالوا ) أي الخزية تهكما ( أولم تك تأتيكم رسلكم بالبينات قالوا ) بالمعجزات الظاهرات ( بلى قالوا ) أي فكفروا بهم ( فادعوا وما ) أنتم فإننا لا نشفع للكافرين قال تعالى ( دعاء الكافرين إلا في ضلال إنا ) انعدام
51. ( إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد ) جمع شاهد وهم الملائكة يشهدون للرسل بالبلاغ وعلى الكفار بالتكذيب
52. ( يوم لا ينفع ) بالياء والتاء ( الظالمين معذرتهم ) عذرهم لو اعتذروا ( ولهم اللعنة ) البعد من الرحمة ( ولهم سوء الدار ) الآخرة أي شدة عذابها
53. ( ولقد آتينا موسى الهدى ) التوراة والمعجزات ( وأورثنا بني إسرائيل ) من بعد موسى ( الكتاب ) التوراة
54. ( هدى ) هاديا ( وذكرى لأولي الألباب ) تذكرة لأصحاب العقول
55. ( فاصبر ) يا محمد ( إن وعد الله ) بنصر أوليائه ( حق ) وأنت ومن تبعك منهم ( واستغفر لذنبك ) ليستن بك (وسبح ) صل متلبسا ( بحمد ربك بالعشي ) وهو من بعد الزوال ( والإبكار ) الصلوات الخمس
56. ( إن الذين يجادلون في آيات الله ) القرآن ( بغير سلطان ) برهان ( أتاهم إن ) ما ( في صدورهم إلا كبر ) تكبر وطمع أن يعلوا عليك ( ما هم ببالغيه فاستعذ ) من شرهم ( بالله إنه هو السميع ) لأقوالهم ( البصير ) بأحوالهم ونزل في منكري البعث
57. ( لخلق السماوات والأرض ) ابتداء ( أكبر من خلق الناس ) مرة ثانية وهي الإعادة ( ولكن أكثر الناس ) كفار مكة ( لا يعلمون ) ذلك فهو كالأعمى ومن يعلمه كالبصير
58. ( وما يستوي الأعمى والبصير ) ولا ( والذين آمنوا وعملوا الصالحات ) وهو المحسن ( ولا المسيء ) فيه زيادة لا ( قليلا ما تتذكرون ) يتعظون بالياء والتاء أي تذكرهم قليل جدا
59. ( إن الساعة لآتية لا ريب ) شك ( فيها ولكن أكثر الناس لا يؤمنون ) بها
60. ( وقال ربكم ادعوني أستجب لكم ) أي اعبدوني أثبكم بقرينة ما بعده ( إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون ) بفتح الياء وضم الخاء وبالعكس ( جهنم داخرين ) صاغرين
61. ( الله الذي جعل لكم الليل لتسكنوا فيه والنهار مبصرا ) إسناد الابصار اليه مجازي لأنه يبصر فيه ( إن الله لذو فضل على الناس ولكن أكثر الناس لا يشكرون ) الله فلا يؤمنون
62. ( ذلكم الله ربكم خالق كل شيء لا إله إلا هو فأنى تؤفكون ) فكيف تصرفون عن الإيمان مع قيام البرهان
63. ( كذلك يؤفك ) أي مثل إفك هؤلاء إفك ( الذين كانوا بآيات الله ) معجزاته ( يجحدون )
64. ( الله الذي جعل لكم الأرض قرارا والسماء بناء ) سقفا ( وصوركم فأحسن صوركم ورزقكم من الطيبات ذلكم الله ربكم فتبارك الله رب العالمين )
65. ( هو الحي لا إله إلا هو فادعوه ) اعبدوه ( مخلصين له الدين ) من الشرك ( الحمد لله رب العالمين )
66. ( قل إني نهيت أن أعبد الذين تدعون ) تعبدون ( من دون الله لما جاءني البينات ) دلائل التوحيد ( من ربي وأمرت أن أسلم لرب العالمين )
67. ( هو الذي خلقكم من تراب ) بخلق أبيكم آدم منه ( ثم من نطفة ) مني ( ثم من علقة ) دم غليظ ( ثم يخرجكم طفلا ) بمعنى أطفالا ( ثم ) يبقيكم ( لتبلغوا أشدكم ) تكامل قوتكم من الثلاثين سنة إلى الأربعين ( ثم لتكونوا شيوخا ) بضم الشين وكسرها ( ومنكم من يتوفى من قبل ) قبل الأشد والشيخوخة فعل ذلك بكم لتعيشوا ( ولتبلغوا أجلا مسمى ) وقتا محدودا (ولعلكم تعقلون ) دلائل التوحيد فتؤمنوا
68. ( هو الذي يحيي ويميت فإذا قضى أمرا ) أراد ايجاد شيء ( فإنما يقول له كن فيكون ) بضم النون وفتحها بتقدير أن أي يوجد عقب الإرادة التي هي معنى القول المذكور
69. ( ألم تر إلى الذين يجادلون في آيات الله ) القرآن ( أنى ) كيف ( يصرفون ) عن الإيمان
70. ( الذين كذبوا بالكتاب ) القرآن ( وبما أرسلنا به رسلنا ) من التوحيد والبعث وهم كفار مكة ( فسوف يعلمون ) عقوبة تكذيبهم
71. ( إذ الأغلال في أعناقهم ) إذ بمعنى إذا ( والسلاسل ) عطف على الأغلال فتكون في الأعناق أو مبتدأ خبره محذوف أي في أرجلهم أو خبره ( يسحبون ) يجرون بها
72. ( في الحميم ) أي جهنم ( ثم في النار يسجرون ) يوقدون
73. ( ثم قيل لهم ) تبكيتا ( أين ما كنتم تشركون )
74. ( من دون الله ) معه وهي الأصنام ( قالوا ضلوا ) غابوا ( عنا ) فلا نراهم ( بل لم نكن ندعوا من قبل شيئا ) انكروا عبادتهم إياها ثم احضرت قال تعالى إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أي وقودها ( كذلك ) أي مثل إضلال هؤلاء المكذبين ( يضل الله الكافرين )
75. ويقال لهم أيضا ( ذلكم ) العذاب ( بما كنتم تفرحون في الأرض بغير الحق ) من الاشراك وإنكار البعث ( وبما كنتم تمرحون ) تتوسعون في الفرح
76. ( ادخلوا أبواب جهنم خالدين فيها فبئس مثوى ) مأوى ( المتكبرين )
77. ( فاصبر إن وعد الله ) بعذابهم ( حق فإما نرينك ) فيه إن الشرطية مدغمة وما زائدة تؤكد معنى الشرط أول الفعل والنون تؤكد آخره ( بعض الذي نعدهم ) به من العذاب في حياتك جواب الشرط محذوف أي فذاك ( أو نتوفينك ) قبل تعذيبهم (فإلينا يرجعون ) فنعذبهم أشد العذاب فالجواب المذكور للمعطوف فقط
78. ( ولقد أرسلنا رسلا من قبلك منهم من قصصنا عليك ومنهم من لم نقصص عليك ) روي أنه تعالى بعث ثمانية آلاف نبي أربعة آلاف نبي من بني إسرائيل وأربعة آلاف من سائر الناس ( وما كان لرسول ) منهم ( أن يأتي بآية إلا بإذن الله ) لأنهم عبيد مربوبون ( فإذا جاء أمر الله ) بنزول العذاب على الكفار ( قضي ) بين الرسل ومكذبيهم ( بالحق وخسر هنالك المبطلون ) أي ظهر القضاء والخسران للناس وهم خاسرون في كل وقت قبل ذلك
79. ( الله الذي جعل لكم الأنعام ) قيل الإبل خاصة هنا والظاهر البقر والغنم ( لتركبوا منها ومنها تأكلون )
80. ( ولكم فيها منافع ) من الدر والنسل والوبر والصوف ( ولتبلغوا عليها حاجة في صدوركم ) هي حمل الأثقال إلى البلاد ( وعليها ) في البر ( وعلى الفلك ) السفن في البحر ( تحملون )
81. ( ويريكم آياته فأي آيات الله ) الدالة على وحدانيته ( تنكرون ) استفهام توبيخ وتذكير أي أشهر من تأنيثه
82. ( أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم كانوا أكثر منهم وأشد قوة وآثارا في الأرض ) من مصانع وقصور ( فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون )
83. ( فلما جاءتهم رسلهم بالبينات ) المعجزات الظاهرات ( فرحوا ) أي الكفار ( بما عندهم ) أي الرسل ( من العلم ) فرح استهزاء وضحك متنكرين له ( وحاق ) نزل ( بهم ما كانوا به يستهزئون ) أي العذاب
84. ( فلما رأوا بأسنا ) شدة عذابنا ( قالوا آمنا بالله وحده وكفرنا بما كنا به مشركين )
85. ( فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا سنة الله ) نصبه على المصدر بفعل مقدر من لفظه ( التي قد خلت في عباده ) في الأمم أن لا ينفعهم الإيمان وقت نزول العذاب ( وخسر هنالك الكافرون ) تبين خسرانهم لكل أحد وهم خاسرون في كل وقت قبل ذلك

41. سورة فصلت
1. ( حم ) الله أعلم بمراده به
2. ( تنزيل من الرحمن الرحيم ) مبتدأ
3. ( كتاب ) خبره ( فصلت آياته ) بينت بالأحكام والقصص والمواعظ ( قرآنا عربيا ) حال من كتاب بصفته ( لقوم ) متعلق بفصلت ( يعلمون ) يفهمون ذلك وهم العرب
4. ( بشيرا ) صفة قرآنا ( ونذيرا فأعرض أكثرهم فهم لا يسمعون ) سماع قبول
5. ( وقالوا ) للنبي ( قلوبنا في أكنة ) أغطية ( مما تدعونا إليه وفي آذاننا وقر ) ثقل ( ومن بيننا وبينك حجاب ) خلاف في الدين ( فاعمل ) على دينك ( إننا عاملون ) على ديننا
6. ( قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد فاستقيموا إليه ) بالإيمان والطاعة ( واستغفروه وويل ) كلمة عذاب ( للمشركين )
7. ( الذين لا يؤتون الزكاة وهم بالآخرة هم ) تأكيد ( كافرون )
8. ( إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم أجر غير ممنون ) مقطوع
9. ( قل أئنكم ) بتحقيق الهمزة الثانية وتسهيلها وإدخال ألف بينها بوجهيها وبين الأولى ( لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين ) الأحد والاثنين ( وتجعلون له أندادا ) شركاء ( ذلك رب ) مالك ( العالمين ) جمع عالم وهو ما سوى الله وجمع لاختلاف أنواعه بالياء والنون تغليبا للعقلاء
10. ( وجعل ) مستأنف ولا يجوز عطفه على صلة الذي للفاصل الأجنبي ( فيها رواسي ) جبالا ثوابت ( من فوقها وبارك فيها ) بكثرة المياه والزروع والضروع ( وقدر ) قسم ( فيها أقواتها ) للناس والبهائم ( في ) تمام ( أربعة أيام ) أي الجعل وما ذكر معه في يوم الثلاثاء والأربعاء ( سواء ) منصوب على المصدر أي استوت الأربعة استواء لا تزيد ولا تنقص ( للسائلين ) عم خلق الأرض بما فيها
11. ( ثم استوى ) قصد ( إلى السماء وهي دخان ) بخار مرتفع ( فقال لها وللأرض ائتيا ) إلى مرادي منكما ( طوعا أو كرها ) في موضع الحال أي طائعتين أو مكرهتين ( قالتا أتينا ) بمن فينا ( طائعين ) فيه تغليب المذكر العاقل أو نزلتا لخطابهما منزلته
12. ( فقضاهن ) الضمير يرجع إلى السماء لأنها في معنى الجمع الآيلة إليه أي صيرها ( سبع سماوات في يومين ) الخميس والجمعة فرغ منها في آخر ساعة منه وفيها خلق آدم ولذلك لم يقل هنا سواء ووافق ما هنا آيات خلق السموات والأرض في ستة أيام (وأوحى في كل سماء أمرها ) الذي أمر به من فيها من الطاعة والعبادة ( وزينا السماء الدنيا بمصابيح ) بنجوم ( وحفظا ) منصوب بفعله المقدر أي حفظناها من استراق الشياطين السمع بالشهب ( ذلك تقدير العزيز ) في ملكه ( العليم ) بخلقه
13. ( فإن أعرضوا ) كفار مكة عن الإيمان بعد هذا البيان ( فقل أنذرتكم ) خوفتكم ( صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود ) عذابا يهلككم مثل الذي أهلكهم
14. ( إذ جاءتهم الرسل من بين أيديهم ومن خلفهم ) مقبلين عليهم ومدبرين عنهم فكفروا كما سيأتي والاهلاك في زمنه فقط ( ألا ) أي بأن لا ( تعبدوا إلا الله قالوا لو شاء ربنا لأنزل ) علينا ( ملائكة فإنا بما أرسلتم به ) على زعمكم ( كافرون )
15. ( فأما عاد فاستكبروا في الأرض بغير الحق وقالوا ) لما خوفوا بالعذاب ( من أشد منا قوة ) أي لا أحد كان واحدهم يقلع الصخرة العظيمة من الجبل يجعلها حيث يشاء ( أولم يروا أن ) يعلموا ( الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة وكانوا بآياتنا يجحدون ) المعجزات ( فأرسلنا )
16. ( فأرسلنا عليهم ريحا صرصرا ) باردة شديدة الصوت بلا مطر ( في أيام نحسات ) بكسر الحاء وسكونها مشئومات عليهم (لنذيقهم عذاب الخزي ) الذل ( في الحياة الدنيا ولعذاب الآخرة أخزى ) أشد ( وهم لا ينصرون ) بمنعه عنهم
17. ( وأما ثمود فهديناهم ) بينا لهم طريق الهدى ( فاستحبوا العمى ) اختاروا الكفر ( على الهدى فأخذتهم صاعقة العذاب الهون) المهين ( بما كانوا يكسبون )
18. ( ونجينا ) منها ( الذين آمنوا وكانوا يتقون )
19. واذكر ( ويوم يحشر ) بالياء والنون المفتوحة وضم الشين وفتح الهمزة ( أعداء الله إلى النار فهم يوزعون ) يساقون
20. ( حتى إذا ما ) صلة ( جاؤوها شهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم بما كانوا يعملون )
21. ( وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء ) أي أراد نطقه ( وهو خلقكم أول مرة وإليه ترجعون ) قيل هو من كلام الجلود وقيل هو من كلام الله تعالى كالذي بعده وموقعه قريب مما قبله بأن القادر على إنشائكم ابتداء وإعادتكم بعد الموت أحياء قادر على إنطاق جلودكم وأعضائكم
22. ( وما كنتم تستترون ) عن ارتكابكم الفواحش من ( أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم ) لأنكم لم توقنوا بالبعث ( ولكن ظننتم ) عند استتاركم ( أن الله لا يعلم كثيرا مما تعملون )
23. ( وذلكم ) مبتدأ ( ظنكم ) بدل منه ( الذي ظننتم بربكم ) نعت والخبر ( أرداكم ) أهلككم ( فأصبحتم من الخاسرين )
24. ( فإن يصبروا ) على العذاب ( فالنار مثوى ) مأوى ( لهم وإن يستعتبوا ) يطلبوا العتبى أي الرضا ( فما هم من المعتبين ) المرضيين
25. ( وقيضنا ) سببنا ( لهم قرناء ) من الشياطين ( فزينوا لهم ما بين أيديهم ) من أمر الدنيا واتباع الشهوات ( وما خلفهم ) من أمر الآخرة بقولهم لا بعث ولا حساب ( وحق عليهم القول ) بالعذاب وهو لأملأن جهنم الآية ( في ) جملة ( أمم قد خلت ) هلكت (من قبلهم من الجن والإنس إنهم كانوا خاسرين )
26. ( وقال الذين كفروا ) عند قراءة النبي صلى الله عليه وسلم ( لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه ) إيتوا باللغط ونحوه وصيحوا في زمن قراءته ( لعلكم تغلبون ) فيسكت عن القراءة
27. قال تعالى فيهم ( فلنذيقن الذين كفروا عذابا شديدا ولنجزينهم أسوأ الذي كانوا يعملون ) أي أقبح جزاء عملهم
28. ( ذلك ) العذاب الشديد وأسوأ الجزاء ( جزاء أعداء الله ) بتحقيق الهمزة الثانية وإبدالها واوا ( النار ) عطف بيان للجزاء المخبر به عن ذلك ( لهم فيها دار الخلد ) أي إقامة لا انتقال منها ( جزاء ) منصوب على المصدر بفعله ( بما كانوا بآياتنا ) القرآن ( يجحدون )
29. ( وقال الذين كفروا ) في النار ( ربنا أرنا الذين أضلانا من الجن والإنس ) أي إبليس وقابيل سنا الكفر والقتل ( نجعلهما تحت أقدامنا ) في النار ( ليكونا من الأسفلين ) أشد عذابا منا
30. ( إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا ) على التوحيد وغيره مما وجب عليهم ( تتنزل عليهم الملائكة ) عند الموت ( ألا) بأن لا ( تخافوا ) من الموت وما بعده ( ولا تحزنوا ) على ما خلفتم من أهل وولد فنحن نخلفكم فيه ( وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون )
31. ( نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا ) نحفظكم فيها ( وفي الآخرة ) أي نكون معكم فيها حتى تدخلوا الجنة ( ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون ) تطلبون
32. ( نزلا ) رزقا مهيئا منصوب بجعل مقدرا ( من غفور رحيم ) هو الله
33. ( ومن أحسن قولا ) أي لا أحد أحسن قولا ( ممن دعا إلى الله ) بالتوحيد ( وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين )
34. ( ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ) في جزئياتهما لأن بعضهما فوق بعض ( ادفع ) السيئة ( بالتي ) بالخصلة التي ( هي أحسن ) كالغضب بالصبر والجهل بالحلم والاساءة بالعفو ( فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم ) فيصير عدوك كالصديق القريب في محبته إذا فعلت ذلك فالذي مبتدأ وكأنه الخبر وإذا ظرف لمعنى التشبيه
35. ( وما يلقاها ) يؤتي الخصلة التي هي أحسن ( إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ ) ثواب ( عظيم )
36. ( وإما ) فيه إدغام نون إن الشرطية في ما الزائدة ( ينزغنك من الشيطان نزغ ) أي يصرفك عن الخصلة وغيرها من الخير صارف ( فاستعذ بالله ) جواب الشرط وجواب الأمر محذوف أي يدفعه عنك ( إنه هو السميع ) للقول ( العليم ) بالفعل
37. ( ومن آياته الليل والنهار والشمس والقمر لا تسجدوا للشمس ولا للقمر واسجدوا لله الذي خلقهن ) أي الآيات الأربع (إن كنتم إياه تعبدون )
38. ( فإن استكبروا ) عن السجود لله وحده ( فالذين عند ربك ) الملائكة ( يسبحون ) يصلون ( له بالليل والنهار وهم لا يسأمون ) لا يملون
39. ( ومن آياته أنك ترى الأرض خاشعة ) يابسة لا نبات فيها ( فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت ) تحركت ( وربت ) انتفخت وعلت ( إن الذي أحياها لمحيي الموتى إنه على كل شيء قدير )
40. ( إن الذين يلحدون ) من ألحد ولحد ( في آياتنا ) القرآن بالتكذيب ( لا يخفون علينا ) فنجازيهم ( أفمن يلقى في النار خير أم من يأتي آمنا يوم القيامة اعملوا ما شئتم إنه بما تعملون بصير ) تهديدا لهم
41. ( إن الذين كفروا بالذكر ) القرآن ( لما جاءهم ) نجازيهم ( وإنه لكتاب عزيز ) منيع
42. ( لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ) ليس قبله كتاب يكذبه ولا بعده ( تنزيل من حكيم حميد ) الله المحمود في أمره
43. ( ما يقال لك ) من التكذيب ( إلا ) مثل ( ما قد قيل للرسل من قبلك إن ربك لذو مغفرة ) للمؤمنين ( وذو عقاب أليم ) للكافرين
44. ( ولو جعلناه ) أي الذكر ( قرآنا أعجميا لقالوا لولا ) هلا ( فصلت ) بينت ( آياته ) حتى نفهمها قرآن ( أأعجمي ) ونبي ( وعربي ) استفهام إنكار منهم بتحقيق الهمزة وقلبها ألف باشباع ودونه ( قل هو للذين آمنوا هدى ) من الضلالة ( وشفاء) من الجهل ( والذين لا يؤمنون في آذانهم وقر ) ثقل فلا يسمعونه ( وهو عليهم عمى ) فلا يفهمونه ( أولئك ينادون من مكان بعيد ) أي هم كالمنادى من مكان بعيد لا يسمع ولا يفهم ما ينادى به
45. ( ولقد آتينا موسى الكتاب ) التوراة ( فاختلف فيه ) بالتصديق والتكذيب كالقرآن ( ولولا كلمة سبقت من ربك ) بتأخير الحساب والجزاء للخلائق إلى يوم القيامة ( لقضي بينهم ) في الدنيا فيما اختلفوا فيه ( وإنهم ) المكذبين به ( لفي شك منه مريب ) موقع في الريبة
46. ( من عمل صالحا فلنفسه ) عمل ( ومن أساء فعليها ) فضرر إساءته على نفسه ( وما ربك بظلام للعبيد ) بذي ظلم لقوله تعالى إن الله لا يظلم مثقال ذرة